بحث متقدم
الزيارة
5104
محدثة عن: 2012/04/10
خلاصة السؤال
کیف یمکن توجیه قدرات السحرة مع انهم انما یتوصلون لذلک بانتهاکهم للمقدسات و الاحکام الالهیة؟ مع انه لا یمکن ان یحصل شيء الا بعد الاذن الالهي.
السؤال
کان لي حوار قرآني مع بعض الاشخاص حول السحرة و الاعمال الخارقة للعادة، و قد قال لي شیئاً لم اصدق به و لم اعثر علیه في أي موضع، و ارید ان اسأل عن مدی صحته؟ انه یقول: إن بعض الاشخاص یقومون عن طریق هتک حرمة القرآن و بعض الاعمال الخاصة بالحصول علی قدرات غیر عادیة، فکیف یمکن ان یحصل ذلک؟ مع ان کل شيء لا یحصل الا باذن الله فکیف یجیز الله الحکیم ان یحصل هؤلاء علی ما یخرق العادة؟.
الجواب الإجمالي

مع ان جمیع الامور في الدنیا تقع باذن الله و ارادته، و لکن التدبیر الربوبي یقوم علی ان جریان الامور انما یکون علی اساس الاسباب و المسببات و هذا قانون عام و شامل.

و طبقاً للتعالیم الدینیة فان الاشخاص غیر الصالحین ایضاً یمکنهم الحصول علی قدرات خارقة للعادة فمثلاً کان العفریت من جنس الجن و کان من غیر الصالحین و کانت له القدرة علی احضار عرش بلقیس من الیمن الی سلیمان في بیت المقدس.

و مع الالتفات الی ان الدنیا هي محل امتحان، و الامتحان یتم بطرق مختلفة، فربما ابتلي البعض بالفقر و الآخر بالغنی، و الآخر بالضعف و آخر بالقوة و آخر بالاولاد و آخر بالعقم و..و من هنا فکما ان الله کان قد أمهل الشیطان لکي یضل الناس بکل الوسائل الممکنة، فمن الممکن ان یعطي مثل هذه الامکانیة و القدرة ایضاً لبعض الناس المتمردین و الفجرة.

وبناءً علی هذا فلا یستبعد ان یقوم البعض بتسخیر الجن و الشیاطین عن طریق انتهاک حرمة المقدسات و الاحکام الالهیة، و یسخرهم في تحقیق أهدافه الشیطانیة، و مع ذلک یترکه الله حراً في اختیار طریقه.

الجواب التفصيلي

قبل التعرض للجواب یبدو ان من الضروري تقدیم هذه المقدمة:

مع ان جمیع الامور في الدنیا تقع باذن الله و إرادته، و لکن التدبیر الربوبي یقوم علی ان جریان الامور انما یکون علی اساس الاسباب و المسببات و هذا قانون عام و شامل و کامثلة علی ذلک:

ا-السم قاتل، و کل من یتناول کمیة منه یموت، و بناءً علی هذا فلو تناول طفل بریئ من هذا السم ایضاً غفلة فانه یموت و لا یمکن الاعتراض علی موت هذا الطفل البریئ؟

ب- من یسقط من مرتفع شاهق فانه یموت سواء کان مذنباً أم بریئاً.

ج- اذا وصلت النار الی الورقة- مع توفر الشروط و فقدان الموانع- فانها تحترق، سواء کانت قراناً أم من کتب الضلال و الانحراف و..

و هذه الامور هي من قوانین الطبیعة و الخلقة التي هي من السنن الالهیة و لا یمکن التخلص منها، و بالطبع فانه بعد الالتفات الی ان مسبب الاسباب هو الله فانه یسلب الاثر احیاناً عن هذه الاسباب بسبب وجود مصالح او لدفع مفاسد، کما نری مثل هذا الاستثناء في مورد برودة النار علی ابراهیم[1] و عدم عمل السکین في یده(ع)[2]و..

و أما السؤال المذکور فجوابه یکون من خلال بیان عدة أمور:

1- طبقاً للتعالیم الدینیة فان الاشخاص غیر الصالحین ایضاً یمکنهم الحصول علی قدرات خارقة للعادة، فمثلاً یقول الله حول قصة النبي سلیمان وعفریت بلقیس "قالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمين")[3]، و بالالتفات الی ان العفریت کان من جنس الجن و کان من غیر الصالحین[4] فانه مع ذلک کانت له القدرة علی الاتیان بعرش بلقیس من سبأ في الیمن الی سلیمان في بیت المقدس.

2- ومع الالتفات الی ان الدنیا هي محل امتحان و الامتحان یتم بطرق مختلفة، فربما ابتلي البعض بالفقر و الآخر بالغنی، و الآخر بالضعف و آخر بالقوة و آخر بالاولاد و آخر بالعقم و..[5] و من هنا فکما ان الله کان قد امهل الشیطان لکي یضل الناس بکل الوسائل الممکنة[6]، فمن الممکن ان یعطي مثل هذه الامکانیة و القدرة ایضاً لبعض الناس المتمردین و الفجرة. و لکن لیست هذه القدرة فضیلة لهم و لیس هنا فحسب بل هي امتحان الهي هذا من جانب، و من جانب آخر ایضاً فان باقي الناس لا یکونوا مقهورین لقدرته، بل هناک وسائل و طرق للمواجهة مع هؤلاء.

وبناءً علی هذا فلا یستبعد ان یقوم البعض بتسخیر الجن و الشیاطین الیه عن طریق انتهاک حرمة المقدسات و الاحکام الالهیة [7]، ویستغل ذلک في تحقیق أهدافه الشیطانیة، و مع ذلک یترکه الله حراً في اختیار طریقه[8].

یقول الله تعالی في القرآن الکریم: "وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوينَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواه"[9].

 


[1] الانبیاء: 69 قُلْنا يا نارُ كُوني‏ بَرْداً وَ سَلاماً عَلى‏ إِبْراهيمَ

[2] الصافات:103-105 فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبينِ وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنين‏

[3] النمل:39.

[4] العفریت هو المتمرد والخبیث. الراغب الاصفهانی، الحسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن،

[5]

[6] الحجر: 36-40 قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْني‏ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَني‏ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعينَ اِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصين‏

[7]لان من معانی السحر: جذب عون الشیطان عن طریق التقرب الیه. المفردات فی غریب القرآن، ص400.

[8] إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً ) الانسان: 3.

[9] الاعراف: 175-176.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257241 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59550 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49732 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...