Please Wait
9980
لیس ضروریاً ان یکون کل اسم یکشف عن معنى متمایز و خاص بنحو یجسد شخصیة المسمى به؛ بل یکفی ان یکون الاسم منزها عن المفاهیم الشرکیة و المضادة للقیم.
اما بالنسبة الى بعض الاولیاء الالهیین کالسیدة فاطمة (س) و التی الهم بنحو ما اسمها من عالم الغیب، فمن الطبیعی ان یکون هذا الاسم یحتوی على نکات تتعلق بخصائص المسمى به و ینسجم معها.
ان اسم فاطمة مشتق من الاصل "فطم" الذی هو بمعنى المنقطع؛ و لقد اشارت الروایات الى أن السیدة الجلیلة (س) قطعت من کل القبائح و النواقص و هناک روایات تشیر الى انها و شیعتها حرموا على النار.
یتفرع السؤال المذکور الى شقین و یلحظ من زاویتین:
1- هل الاسماء التی توضع للاشخاص بما فیهم ابناء الانبیاء و الائمة لابد ان یکون لها دلیل خاص و انها تکشف عن ابعاد شخصیة المسمى بها؟
2- هل یوجد دلیل خاص لسبب اطلاق اسم فاطمة على بنت النبی الاکرم (ص) و ان الاسم یکشف عن بیان ای بعد من شخصیتها (علیها السلام)؟
بالنسبة الى الشق الاول لابد من القول انه قد روی عن ائمتنا انهم حثوا على الاسم الحسن حتى ان صاحب الوسائل جمعها تحت " بَابُ اسْتِحْبَابِ تَسْمِیَةِ الْوَلَدِ بِاسْمٍ حَسَنٍ وَ تَغْیِیرِ اسْمِهِ إِنْ کَانَ غَیْرَ حَسَن"[1] و من الطبیعی أن الآباء یطلقون الاسماء على ابنائهم بسلائق متفاوتة و صحیح ان الدین الاسلامی حث على حسن التسمیة لکن لم یصل الامر الى حد الالزام و انما ترکت الحریة للافراد یختارون لابنائهم ما شاءوا من الاسماء شریطة ان یکون الاسم خالیا من المفاهیم الشرکیة و لایکون منافیا للقیم الاخلاقیة فمن هنا قالوا:" أَوَّلُ مَا یَبَرُّ الرَّجُلُ وَلَدَهُ أَنْ یُسَمِّیَهُ بِاسْمٍ حَسَنٍ فَلْیُحْسِنْ أَحَدُکُمُ اسْمَ وَلَدِهِ"[2] و فی هذا المجال نرى النبی الاکرم (ص) سعى فی بعض الاحیان لتغییر الاسماء لا انه کان یغیر اسماء اصحابه بما ینسجم مع التعالیم الاسلامیة القیمة و الذی یکشف عن اسلامهم و ایمانهم. فوجود اسماء من قبیل عمار و مصعب و مقداد و... فی اوساط صحابة النبی (ص) بالرغم من ان هذه الاسماء لم تکن تحمل مفهوما اسلامیا خاصا.
طبعا توجد روایات کثیرة تؤکد انه (ص) کان یغیر الاسماء ذات المغزى الشرکی و عبودیة الاصنام او ذات المعانی غیر المستحسنة.[3]
فبالنظر لحریة الافراد یکون من المناسب لهم ان یختاروا الاسماء الجمیلة و الالتزام بوصایا اهل البیت (ع) التی منها:
فعَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الباقر (ع) قَالَ: أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ مَا سُمِّیَ بِالْعُبُودِیَّةِ وَ أَفْضَلُهَا أَسْمَاءُ الْأَنْبِیَاءِ.[4]
ما ذکرناه تحلیل مختصر حول التسمیة بشکل کلی، لکن کما ورد فی السؤال هناک بعض الاسماء کالاسم المقدس "فاطمة" الذی انتخبه الباری تعالى و الهمه لنبیه لابد أن یکون اسما یختلف عن سائر الاسماء و انه یکشف بنحو ما عن ابعاد شخصیة صاحبة الاسم؛ طبعاً لیس من الضروری أن یکون هذا الاسم منحصراً بالشخص المنظور و لم یتسمى به احد قبله او یکون انتخابه لغیره فی المستقبل ممنوعاً.
ان اسم فاطمة مشتق من الجذر " فطم" بمعنى المقطوع.[5]
اما لماذا سماها الرسول الاکرم (ص) بهذا الاسم؟ هناک روایات مختلفة فی بیان هذا الموضوع کل منها تشیر الى جنبة خاصة او حیثیة معینة و لا یوجد تعارض بینها بل کل واحد منها مکملة - بحو ما- للأخرى، من هنا ننقل بعضا منها للاطلاع فقط:
الف: عن یونس بن ظبیان قَال: قَال أبو عبد اللَّه (ع): لِفَاطِمَةَ (ع) تِسْعَةُ أَسْمَاءَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاطِمَةُ وَ الصِّدِّیقَةُ وَ الْمُبَارَکَةُ وَ الطَّاهِرَةُ وَ الزَّکِیَّةُ وَ الرَّاضِیَةُ وَ الْمَرْضِیَّةُ وَ الْمُحَدَّثَةُ وَ الزَّهْرَاءُ؛ ثُمَّ قَالَ (ع): أَ تَدْرِی أَیُّ شَیْءٍ تَفْسِیرُ فَاطِمَةَ؟ قُلْتُ: أَخْبِرْنِی یَا سَیِّدِی. قَالَ: فُطِمَتْ مِنَ الشَّرِّ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: لو لا أَنَّ أَمیر الْمُؤْمِنِینَ (ع) تَزَوَّجَهَا لَمَا کَانَ لَهَا کُفْوٌ إِلَى یَوْمِ الْقِیَامَةِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ.[6]
ب: عن الرِّضا عن آبَائِهِ (ع) قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): إِنِّی سَمَّیْتُ ابْنَتِی فَاطِمَةَ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَطَمَهَا وَ فَطَمَ مَنْ أَحَبَّهَا مِنَ النَّارِ.[7]
ج: عن أَبِی جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: لَمَّا وُلِدَتْ فَاطِمَةُ (ع) أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَلَکٍ فَأَنْطَقَ بِهِ لِسَانَ مُحَمَّدٍ (ص) فَسَمَّاهَا فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ: إِنِّی فَطَمْتُکِ بِالْعِلْمِ وَ فَطَمْتُکِ عَنِ الطَّمْثِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع): وَ اللَّهِ لَقَدْ فَطَمَهَا اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى بِالْعِلْمِ وَ عَنِ الطَّمْثِ بِالْمِیثَاقِ.[8]
و فی الختام لابد من الالتفات الى ان الزهراء (س) کانت و باتفاق الفریقین بضعة من رسول الله یؤذیه ما یؤذیها[9]، فمن هنا هی جدیرة بالاسم الحسن لیکشف الاسم عن جانب من جوانب شخصیتها حتى یعرفها العالم من هنا نعتقد ان الله تعالى هو الذی اختار لها الاسم.
[1] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 21، ص 389-388، الروایة 27374، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ ق.
[2]نفس المصدر.
[3]نفس المصدر، ص 390،27379.
[4]نفس المصدر، ص 391، 27381.
[5] ابن منظور، لسان العرب، ج 12، ص 454، مادة فطم.
[6] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 43، ص 10، باب 2، الروایة 1، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ ق.
[7]المصدر، ص12، الحدیث4.
[8]نفس المصدر، ص13، الحدیث9.
[9] صحیح البخاری، ج 4 ، ص 219، دار الفکر، بیروت، 1401 هـ ق.