بحث متقدم
الزيارة
5761
محدثة عن: 2009/12/01
خلاصة السؤال
ألا یستلزم عدم جواز التقلید فی العقائد عدم جواز التقلید فی الأحکام؟
السؤال
یقال إنه لا ینبغی التقلید فی العقائد. و أنا عندی إشکال فی الرجوع الی الروایات (النصوص النقلیّة) فی العقائد فأعود الی دور النقاش بین الاصولیین و الاخباریین، فإذا کان الاجتهاد لازماً فی الرجوع الی الروایات فهو لازم فی العقیدة أیضاً و إذا لم یکن لازماً فهو غیر لازم هناک بطریق اولی، الا فی مرحلة القضاء و الافتاء (الاعلمیة فی الافتاء و القضاء) و لا کلام لی فی ذلک. و کذلک فی مورد الأحکام المستحدثة فإن الثابت عندی وجوب الرجوع الی العلماء فأنا اعترض علی الاخباریین فی هذه المسألة و أناقشهم.
و اما الدور المحرز فهو أنه یجب علیّ أن أکون مجتهداً لکی أجد حلاً فی عقیدتی فی رسالتی العملیة. و الّا سوف لا یکون لی دلیل فی العقائد غیر الدلیل العقل و هذا الأمر لا یوافق علیه أحد، لأن قسماً من الروایات عقلی، إذن فعدم الرجوع الی الفقة فی قسم الأحادیث دور و إذا لم یجب الرجوع الی الروایات فلا ینبغی قبول أدلة الاجتهاد و الرجوع الی المرجع و التقلید الا بالعقل الذی یحکم بوجوب رجوع الجاهل الی العالم أو بالسیرة العقلائیة و هذه ألادلة العقلیة و العقلائیة لیست مقبولة عندی، لأن الرجوع الی المجتهد أو الاعلم یتطلّب أن أکون علی مستوی من العلم و المعرفة بحیث استطیع التعرّف علی المجتهد و الأعلم.
و کذلک إذا أردت الاستعانة بشخص ثالث فإن ذلک یستلزم الدور و التسلسل فإذا لم أکن مجتهداً فهل أنا مجاز فی الرجوع الی الروایات فی العقائد؟
الجواب الإجمالي

لایضاح الاجابة عن هذا السؤال ینبغی التأکید علی عدة ملاحظات:

1. أن المراد من عدم جواز التقلید فی أصول الدین هو أنه لا یمکن الاکتفاء بالظن و الحدس فی أصول الدین بل یجب أن یکون الاعتقاد مبنیّاً علی أساس الدلیل و الیقین.[1]

و آما الأحکام و فروع الدین فیکفی التقلید حتی لو لم یصل الشخص الی الیقین و الجزم بالواقع من فتوی المجتهد و مرجع تقلیده، و احتمل أن الحکم الواقعی عند الله و صاحب الشریعة هو غیر ذلک.

2.ما ورد فی أول الرسائل العملیّة هو عدم جواز التقلید فی أصول الدین و لیس فی جمیع المسائل العقائدیة.[2]

و توضیح ذلک أن الاعتقادات و عقائد الإسلام علی قسمین: فقسم منها اصول الدین و الاعتقاد بها ضروری، و هی واجبة فی تحققّ الإسلام و فی کون الشخص مسلماً. و القسم الثانی هی عبارة عن مسائل ترتبط بالعقیدة و لکن لیس الاعتقاد بها واجباً و لا دخل لها فی کون الشخص مسلماً. و اصول العقائد هی مثل الاعتقاد بوجود الله أو الاعتقاد بنبوّة الأنبیاء و رسالة النبی محمد(ص) و الاعتقاد بالمعاد و القیامة و هو اعادة الناس للحیاة بعد الموت، لکی یناول جزاء أعمالهم و بناء علی هذا فیجب أن یکون اعتقاد الإنسان بهذه الاصول علی أساس الیقین و الجزم، و لا یکفی الظن و تقلید الآخرین فی هذه الاصول.

و القسم الثانی من الاعتقاد: هو تفاصیل و مفردات أصول الدین و ذلک مثل: هل أن صفات الله عین ذاته؟ و ما هی أقسام صفات الله؟ و ما هی الصفات الفعلیّة و الصفات الذاتیّة؟ و کیف یکون علم الله بالأشیاء؟ و هل یلزم العصمة فی النبوّة أم لا؟ و ما هی دائرة العصمة؟ و هل المعاد جسمانی أو روحانی؟ و ما هی صفة الجنّة؟ و هل أن أهل جهنم مخلّدون فیها أم لا؟ و الاعتقاد بهذه المفردات و التفاصیل لیس ضروریاً و لا دخل لها فی تحققّ اسلام الشخص نعم إذا أراد شخص أن ینسب أمراً الی الإسلام فی هذه المسائل فإنه یجب أن یکون ذلک علی أساس تحقیقه و اجتهاده أو بالاستناد الی قول متخصّص فی القضایا الدینیّة.

3. من الواضح أنه لا یمکن للإنسان الرجوع الی الآیات و الروایات باعتبارها دلیلاً تعبّدیاً و نقلیّاً لأجل حصول الاعتقاد و الیقین باصول الدین لأن ذلک یستلزم الدور بخلاف الأحکام و فروع الدین التی لا یمکن الوصول الیها بدون الرجوع الی الآیات و الروایات. و بناء علی هذا فقیاس اصول الدین علی الأحکام قیاس مع الفارق. فإن ما یمکن قیاسه علی الأحکام و الفروع هو التفاصیل و مفردات العقائد و هی التی یجوز التقلید فیها رغم أن التقلید فی کثیر منها لیس ضروریاً و واجباً.

4. إن الرجوع الی المجتهد و معرفة مرجع التقلید لن یستلزم الدور و التسلسل، لأن طریق معرفة المجتهد و المجتهد الأعلم لا ینحصر فی الحصول علی تخصّص فی علم الفقة و معاشرة ذلک المجتهد و الاعلم، بل یمکن التعرّف علی المجتهد و الاعلم من طرق اخری أیضاً مثل الشیاع و کونه معروفاً فی المجتمع، أو نقل عدة أشخاص موثوق بهم، کما هو الحال فی باقی المجالات التخصّصیة، حیث یمکن مثلاً التعرّف علی الطبیب المتخصّص من طریق الشیاع و کونه معروفاً فی المجتمع، أو اخبار عدة أشخاص موثّق بهم بذلک.



[1] توضیح المسائل للمراجع، ج1، ص 11.

[2] نفس المصدر.

الجواب التفصيلي
لایوجد جواب التفضیلی لهذا  السوال.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279432 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257219 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128133 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113230 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88987 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59830 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59544 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56851 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49721 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47160 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...