بحث متقدم
الزيارة
7418
محدثة عن: 2012/04/19
خلاصة السؤال
متى مبدأ تاريخ المسلمين؟
السؤال
متى مبدأ تاريخ المسلمين؟
الجواب الإجمالي

من بعد بعثة الرسول إلى فترة من الزمن حيث كانت حدود المجتمع الإسلامي لم تتعد الجزيرة العربية و بسبب العلاقات المختصرة بين المسلمين، و قلة الأحداث العامة، لم تكن هناك مشكلة في عدم وجود مبدأ للتاريخ و العدّ الزمني للأحداث. بعد ذلك يجمع الخليفة الثاني أصحاب النبي (ص) في السنة السادسة عشر أو السابعة أو الثامنة عشر بعد الهجرة ليتحدث معهم حول هذه المشكلة. و بحسب تصريح اليعقوبي (م 292) و الطبري (م 310) و المسعودي (م 346) و ابن أثير (م 630) و الذهبي (م 748) استشار الخليفة الثاني أمير المؤمنين (ع) و كان رأي أمير المؤمنين (ع) في هذه الشورى هو أن يتحدد مبدأ تاريخ المسلمين من هجرة الرسول (ص) من مكة إلى المدينة، و قد تمت الموافقة على هذا الرأي من قبل الخليفة و جميع المسلمين.

الجواب التفصيلي

إن كتابة التاريخ و تحديد زمن وقوع الأحداث التاريخية بحاجة إلى معيار و مبدأ تاريخي. عندما نصبح بصدد كتابة حدث تاريخي، لابد من وجود مبدأ تاريخي حتى نفهم الحدود الزمنية لهذا الحدث. مثلا عندما نريد أن نبين زمن ولادة الرسول (ص)، لابد لنا أن نقيس هذا الحدث بمقطع من التاريخ، مثلا نقول إن رسول الله (ص) قد ولد في 17 من ربيع الأول في عام الفيل. من أجل بيان هذا الحدث التاريخي نحن بحاجة إلى مبدأ تاريخي و قد تم اختيار عام الفيل أي العام الذي هزم فيه جيش أبرهة كمبدأ للتاريخ.

إذن استخدام التاريخ من ضروريات الحياة و العلاقات الاجتماعية. من بعد بعثة الرسول إلى فترة من الزمن حيث كانت حدود المجتمع الإسلامي لم تتعد الجزيرة العربية و بسبب العلاقات المختصرة بين المسلمين، و قلة الأحداث العامة، لم تكن هناك  مشكلة في عدم وجود مبدأ للتاريخ و العدّ الزمني للأحداث. كان يتغير مبدأ التاريخ في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام من جيل إلى جيل فعلى سبيل المثال كانوا قد اتخذوا واقعة هجوم جيش أبرهة على الكعبة و هلاكهم مبدأ للتاريخ.[1]

بعد الإسلام و بسبب الأسباب التي ذكرت لم يكن مبدأ محدد للتاريخ، و أحيانا كان يستخدم "عام الفيل" نفسه. و لكن بعدما توسع البلد الإسلامي في زمن الخلفاء و باتت تصدر مختلف الأوامر الحكومية و الأنظمة الإدارية في سبيل إدارة الحكومة، بدا وجود المبدأ التاريخي لتنظيم الرسائل و الأوامر الحكومية أمرا ضروريا.

على أساس ما نقلته الكتب التاريخية، أرسل أبو موسى الأشعري كتابا إلى الخليفة الثاني و قد شكا فيه عدم وجود التاريخ في الرسائل الرسمية التي ترسل إليه حيث قال: أيها الخليفة! يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ.[2]

فجمع الخليفة الثاني أصحاب الرسول (ص) في السنة السادسة عشر[3] أو السابعة عشر أو الثامنة عشر[4] بعد الهجرة و استشارهم في هذه المشكلة.

فقال البعض في هذه الشورى أنه نحسب التاريخ كما يحسبه قوم فارس، أي نقيس الأحداث التاريخية على أساس الملوك؛ مثلا نقول إن واقعة كذا قد حدثت في زمن فلان ملك. و قال آخرون نقيس الأحداث التاريخية كما يفعل أهل الروم بحيث نقيسها على أساس زمن سلطنة اسكندر. و قد رفضت هذه الآراء في الشورى.

كما قال البعض أن نجعل مبدأ التاريخ ميلاد الرسول الأعظم (ص) و اختار بعض مبعث الرسول و ذهب بعض إلى وفاة الرسول (ص) و كلها رفضت في شورى الصحابة.

وبحسب تصريح اليعقوبي (م 292) [5] و الطبري (م 310)[6] و المسعودي (م 346)[7] و ابن اثير (م 630) [8] و الذهبي (م 748)[9] استشار الخليفة الثاني أمير المؤمنين (ع) و كان رأي أمير المؤمنين (ع) في هذه الشورى هو أن يتحدد مبدأ تاريخ المسلمين من هجرة الرسول (ص) من مكة إلى المدينة. ثم أقرّ الخليفة الثاني نفس هذا الرأي و أبلغه إلى المكاتب الحكومية.

بعد ذلك تمّ توثيق جميع الأحداث المهمة الإسلامية من غزوات الرسول (ص) و خاصة الأحداث التي وقعت بعد الهجرة على أساس هذا المبدأ التاريخي.

 


[1] الطبري، محمد بن جریر، تاريخ‏ الطبري، ج ‏2، ص392، دار التراث، بیروت، 1387ق.

[2] مسکویه، احمد بن محمد، تجارب ‏الأمم، ج ‏1، ص413، انتشارات سروش، طهران، 1379ش.

[3] الذهبي، محمد بن احمد، تاريخ ‏الإسلام، ج ‏3، ص 16، دار الکتاب العربي، بیروت، 1413ق.

[4] ابن کثیر الدمشقي، عماد الدین، البداية و  النهاية، ج ‏3، ص207، دار الفکر، بیروت، 1407ق.

[5] اليعقوبي، احمد بن ابی یعقوب، تاريخ‏ يعقوبى، ج ‏2، ص145، دار صادر، بیروت، بی تا.

[6] تاريخ‏ الطبري، ج ‏4،ص 38 و  39.

[7]  المسعودي، علی بن الحسین، مروج ‏الذهب، ج ‏4، ص300، دار الهجره، قم، 1409ق.

[8] ابن اثیر، علی بن ابی الکرم، الكامل فی التاریخ، ج ‏1، ص11، دار صادر، بیروت، بی تا.

[9]  تاريخ ‏الإسلام، ج ‏3، ص 163.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279474 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257343 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128201 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113319 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89034 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59888 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59592 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56885 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49826 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47195 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...