بحث متقدم
الزيارة
7453
محدثة عن: 2010/12/04
خلاصة السؤال
هل یمکن الارتباط بالله تعالى بلا واسطة؟
السؤال
من المشهور التوسل بالائمة و جعلهم واسطة بیننا و بین الله تعالى، و لکن فی بعض الاحیان یود الانسان مناجاة ربه بلا واسطة، هل یمکن ذلک أو لا؟
الجواب الإجمالي

التوسل لغة یعنی التقرب الى شیء الوَسِیلة ما یُتَقَرَّب به إلى الغَیْر .

و الملاحظ فی التوسل بأولیاء هو إتخاذهم وسیلة للتقرب الى الله تعالى، و التوسل الى الله تعالى یتم من خلال طریقین أحدهما التوسل بالمعصومین (ع) و الآخر التوسل الیه مباشرة بصفاته و ذاته المقدسة و لا منافاة بن الطریقین قطعاً فللانسان أن یختار أیهما شاء.

ثم ان إعتماد السبل التی رسمها لنا المعصومون یسهل لنا الطریق و یقصر لنا المسافة فی الوصول الى الهدف. و لکن هذا لا یعنی بحال من الاحوال أن الانسان لا یستطیع مناجاة ربه بصورة مباشرة و لا یتمکن من أن یدعوة بلا واسطة، بل ذلک میسر له متى شاء و أین ما شاء.

الجواب التفصيلي

الوَسِیلة ما یُتَقَرَّب به إلى الغَیْر والجَمْع الوَسِیلُ والوَسَائِل. والتَّوْسِیل والتَّوَسُّل واحد یُقال وَسَّل فُلاَنٌ إلى رَبِّه وَسِیلة بالتشدید وتَوَسَّل إلیه بوَسیلة إذا تَقَرَّب إلیه بعمَل.[1] و الوسیلة التوصل إلى الشی‏ء برغبة، و هی أخص من الوصیلة لتضمنها لمعنى الرغب.[2]

و لا ریب أن التوسل بالاولیاء الالهیین و الائمة المعصومین الذین یمثلون الانسان الکامل فی الارض، یعد من المفاهیم المسلمة التی أشارت الیها الآیات و الروایات الکثیرة.

و من الآیات القرآنیة قوله تعالى: " وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُکَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحیماً".[3]

و فی آیة أخرى: " یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسیلَةَ وَ جاهِدُوا فی‏ سَبیلِهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ".[4]

و قد ورد فی الروایات الصادرة عن المعصومین علیهم السلام أنهم فسروا الوسیلة بهم علیهم السلام حیث روی عن أمیر المؤمنین (ع): فی قوله تعالى: «وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ»: أنا وسیلته. و قریب منه ما فی بصائر الدرجات، بإسناده عن سلمان عن علی (ع)، و یمکن أن یکون الروایتان من قبیل التأویل فتدبر فیهما.

و فی المجمع: روی عن النبی (ص): سلوا الله لی الوسیلة فإنها درجة فی الجنة- لا ینالها إلا عبد واحد و أرجو أن أکون أنا هو".[5]

فدور التوسل فی الدنیا کدور الشفاعة فی الآخرة لا یمکن إنکاره بحال من الاحوال. فبواسطة التوسل یتقرب الانسان الى الله تعالى و یطلب حاجاته المادیة و المعنویة.

قال تعالى فی کتابه الکریم " وابتغوا الیه الوسیلة"[6]

و قد ورد فی بعض الادعیة التوسل بذات الله وصفاته، کما ورد ذلک کله فی دعاء المباهلة: " اللهم إنی اسالک من جلالک بأجله و کل جلالک جلیل اللهم إنی أسالک من جمالک بأجمله و کل جمالک جمیل....".[7]

أضف الى ذلک أنه قد ورد فی القرآن الکریم " وَ قَالَ رَبُّکُمُ ادْعُونىِ أَسْتَجِبْ لَکمُ‏ إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَکْبرُِونَ عَنْ عِبَادَتىِ سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِین ".[8] و إنه تعالى أقرب الینا "مِنْ حَبْلِ الْوَرید"[9] و انه تعالى یعلم بخفایا الصدور.[10] و قد ورد فی مناجاة المطیعین: " لا وسیلة لنا الیک الا أنت".[11]

و کان الائمة أنفسهم یتوسلون بهذا الطریق لتحقیق حاجاتهم و تأمین مطالبهم من الله تعالى؛ فقد کانوا یخاطبون الله تعالى بلا واسطة و قد علمونا کیفیة مخاطبة الباری تعالى بصورة مباشرة وهذا ما نراه واضحا من خلال دعاء عرفة للامام الحسین (ع) الذی یجعل کل من یقرأه یشعر بانه یخاطب الله تعالى مباشرة و من دون واسطة.[12]

اتضح من جمیع ما مر:

التوسل الى الله تعالى یتم من خلال طریقین احدهما التوسل بالمعصومین علیهم السلام و الآخر التوسل الیه مباشرة بصفاته و ذاته المقدسة و لا منافاة بن الطریقین قطعاً فللانسان أن یختار أیهما شاء.

ثم ان التوسل بالائمة (ع) لا یعنی بحال من الاحوال أن الانسان لا یستطیع مناجاة ربه بصورة مباشرة و لا یتمکن من أن یدعوة بلا واسطة بل ذلک میسر له متى شاء و أین ما شاء.[13]

لکن ینبغی الالتفات الى أن إعتماد السبل التی رسمها لنا المعصومون یسهل لنا الطریق و یقصر لنا المسافة فی الوصول الى الهدف.[14]

ثم هل یسمح العبد - المقترف للذنوب و الذی یخجل من افعاله التی إرتکبها- لنفسه أن یتحدث مع ربّه بصورة مباشرة، و بما أنه یخجل من القیام بهذه المهمة العظیمة و الخطیرة من هنا یتوسل الى الله تعالى بالذوات المقربة الیه و الذین لهم شأن عنده سبحانه، لیتمکن من تأمین حاجته من خلال هذا الطریق المهیع.

من هنا نرى المؤمنین فی دعاء التوسل یبدأون بذکر تلک الذوات المقدسة و التوسل بهم أولاً ثم یردفون ذلک بطلب الحاجة منه تعالى.[15]



[1] الجوهری، صحاح اللغه، ماده" و س ل".

[2] العلامة الطباطبائی، المیزان فی تفسیر القرآن، ج‏5، ص: 32.

[3] النساء، 64.

[4] المائدة، 35.

[5] انظر: المیزان فی تفسیر القرآن، ج‏5، ص: 333.

[6] المائدة، 35.

[7] مفاتیح الجنان، دعاء یوم المباهلة.

[8] غافر، 60.

[9] ق،16.

[10] انظر: ابراهیم، 38.

[11] مفاتیح الجنان، دعاء الخامسعشر، مناجاة المطیعین ص 205.

[12] مفاتیح الجنان، دعاء الامام الحسین (ع) فی یوم عرفة.

[13] الادعیة الواردة عن المعصومین علیهم السلام تعلمنا السبیل الامثل من مخاطبة الله تعالى و التحدث معه، و لکن هذا لا یعنی أنه لا یحق للعبد أن یدعو بغیرها.

[14] و ذلک لان أهل البیت لهم مقامهم و شأنهم عند الله تعالى فهو یحبهم و یحبونه من هنا یکون التوسل بهم (ع) توسلاً بمحبتهم حیث نقرأ فی زیارة عاشوراء: " و أتقرب الى الله تعالى بحبکم"، و من الطبیعی من یحب شخصاً محبوباً من قبل الله تعالى یود أن یکون ذلک الشخص واسطة بینه و بین ربه للتقرب الیه سبحانه. أضف الى ذلک أن توسیط مثل هذه الذوات یوجب استجابت الدعاء و تأمین الحاجات.

[15] انظر: مفاتیح الجنان، دعاء التوسل.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية