بحث متقدم
الزيارة
6360
محدثة عن: 2009/12/03
خلاصة السؤال
کیف ینسجم ادّعاء کون الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیّة، مع القول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل؟
السؤال
نقول من جانب أن الوجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و من جانب آخر نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل. أ لیس هذان القولان لا ینسجمان مع بعضهما البعض؟
الجواب الإجمالي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعدّدة؛ فتارة یراد به المعنی الذی لیس فی مقابلة شیء و یصطلح علیه: المطلق غیر المقیّد بقید الإطلاق، و تارة لیس کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقیّد بالاطلاق. فحین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق غیر المقیّد حتی بقید الإطلاق.

و اما حین نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی، و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الوجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق، فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود.

الجواب التفصيلي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعددة فتارة یراد به المعنی الذی لا یکون فی قباله شیء و یصطلح علیه المطلق غیر المقید بقید الإطلاق، و تارة لا یکون کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقید بالإطلاق.

و بهذا البیان یندفع التهافت الظاهری بین الکلامین اللذین یقول أحدهما أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و الآخر: أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل.

و توضیح ذلک: أنه حین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق الذی لا یکون مقیّداً حتی بقید الإطلاق و لهذا لا یکون له مقابل و لیس هناک شیء فی قباله. بل کل ما یفرض فهو ظلّ له، و فی هذه الصورة تکون الوحدة و الفعلیة و الخارجیة و هی صفاته، مساویة له أیضاً بحیث لا یکون فی مقابلها شیء الا العدم[1]، لأن الکثرة ما لم تکن لها وحدة فإنها لا توجد، و ما بالقوة أیضاً ما لم یحصل علی الفعلیة فی کونه "ما بالقوة" فإنه لا یتحقق، و الموجود الذهنی أیضاً خارجیته المطلقة هی کونه ذهنیاً و ما لم یحصل علی الخارجیة فی کونه ذهنیّاً فإنه لا یتحقق.

و أما حین نقول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الموجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود أی تلک المرحلة التی یکون الوجود مقیداً بالإطلاق و لکنه لا یکون مقیداً بالخارجیة أو الذهنیة أو الکثرة و الوحدة، و فی هذه الصورة لا تکون الخارجیة و الفعلیة و الوحدة أیضاً مستعملة فی معناها المطلق، بل تکون بحیث تقابل الذهنیة و ما بالقوة و الکثرة.

یقول العلّامة الطباطبائی فی توضیح هذا الأمر: "فإن لازم الاختلاف الذاتی فی الوجود أعنی وقوع التشکیک من متن حقیقته أن یتحقق هناک کثرة یتنافی بعض أجزائها مع البعض تنافیاً قیاسیاً فیعرض البعض نوع من الفقدان بالنسبة الی البعض و لازمه أن یفارق المقیس إلیه فی وصف کماله و یساوق المقیس إلیه أصل الحقیقة کما أنا نقسّم الوجود الی ذهنی و خارجی و إلی ما بالقوة و ما بالفعل و الی کثیر و واحد ثم نقول: الوجود یساوق الخارجیة و یساوق الفعلیة و یساوق الوحدة".[2]

و مراده: أنه بالنظر الی کون الوجود ذا مراتب مختلفة فإننا نقسّم الوجود الی خارجی و ذهنی، ما بالقوة و ... و بالنظر الی أن جمیع هذا المراتب و اختلافها، مشترکة فی أصل التحقق و الوجود فإننا نقول أن الوجود مساوق للفعلیة و الخارجیة.



[1] حقیقة الوجود من حیث هو غیر مقیّد بالإطلاق و التقیید و الکلیّة و الجزئیة و العموم و الخصوص و لا هو واحد بوحدة زائدة علیه و لا کثیر و لا متشخّص بتشخص زائد علی ذاته کما سنزیدک انکشافاً و لا مبهم بل لیس له فی ذاته الا التحصّل و الفعلیة و الظهور و إنما تلحقه هذه المعانی الإمکانیة و المفهومات الکلیة و الأوصاف الإعتباریة و النعوت الذهنیة بحسب مراتبه و مقاماته المنبه علیها بقوله تعالی "رفیع الدرجات" فیصیر مطلقاً و مقیّداً و کلیّاً و جزئیاً و واحداً و کثیراً من غیر حصول التغیر فی ذاته و حقیقته و لیس بجوهر کالماهیّات الجوهریة المحتاجة الی الوجود الزائد و لوازمه و لیس بعرض لأنه لیس موجوداً بمعنی أن له وجوداً زائداً فضلاً عن أن یکون فی موضوع المستلزم لتقدّم الشیء علی نفسه و لیس أمراً اعتباریاً کما یقوله الظالمون لتحقّقه فی ذاته مع عدم المعتبرین ایّاه فضلاً عن اعتبارهم و کون الحقیقة بشرط الشرکة أمراً عقلیّاً و کون ما ینتزع عنها من الموجودیة و الکون المصدری شیئاً اعتیاریاً لا یوجب أن تکون الحقیقة الوجودیة بحسب ذاتها و عینها کذلک. صدر المتألهین، الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج 1، ص260.

[2] هامش الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج1، ص 260.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • لماذا توسط الامامان الحسن و الحسین (علیهما السلام) عند الامام علی (ع) للعفو عن مروان بن الحکم؟
    6696 تاريخ بزرگان 2009/02/18
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • هل یجوز اقتناء الذئاب المعلمة؟
    5357 الحقوق والاحکام 2011/11/06
    مکتب آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):لا اشکال فی الاقتناء فی حد نفسه.مکتب آیة الله العظمى السید السیستانی (مد ظله العالی):لا اشکال فی ذلک.مکتب آیة الله العظمى الشیخ مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):لا مانع من اقتناء تلک الحیوانات و لکن ینبغی للانسان المؤمن ...
  • حجاب المرأة المسنّة و الکبیرة.
    6503 التفسیر 2012/06/19
    یلاحظ من الروایات الواردة فی ذیل الآیة مورد السؤال، أن معنی الآیة هو ان النساء اللواتی بلغن من العمر مرحلة متقدمة بحیث لم تکن فیهن رغبة و میل للزواج، و لایرغب الآخرون فی الزواج بهن لکبر سنهن، یجوز لهن وضع ثیابهن الخارجیة بحضور الاجانب بشرط عدم ...
  • علمت زوجتي مؤخراً أنها حامل مع استعمالها لموانع الحمل، فقامت باسقاط الحمل بسبب ما تعانيه من مشاكل روحية و نفسية، ما الموقف الشرعي من ذلك؟
    5936 الحقوق والاحکام 2012/05/17
    لا يعد العذر المذكور مبرراً كافياً من الناحية الشرعية لتبرير الاجهاض و اسقاط الجنين، و الاسقاط يعد معصية تترتب عليها الدية. ...
  • ما معنى التوحید الصفاتی؟
    6222 الکلام القدیم 2011/01/20
    المقصود من التوحید الصفاتی هو أن صفات الله عین ذاته؛ یعنی عندما نقول: إن الله عالم، لیس هذا بمعنى انفصال ذات الله عن علمه، بل یعنی أن الله عین العلم. و کذلک عندما یقال إن الله حی و قادر، لیس هذا بمعنى أن الحیاة و القدرة ...
  • ما هی دلالة کلمة (إلى) فی آیة الوضوء؟
    7689 السیرة 2008/01/20
    بالنسبة لکلمة (إلى) فی آیة الوضوء لابد من القول أنها لبیان حد الغسل و مقداره فقط، و لیس لها أی علاقة بکیفیة الغسل، أی أن الآیة الکریمة تحدد ما یجب غسله فی الوضوء من الید و هو إلى المرفق، و (إلى) بمعنى الغایة و لکنها غایة المغسول لا الغسل، و ...
  • لماذا یجب اعطاء سهم الامام للمجتهد الجامع للشرائط؟
    5776 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    یحق للفقیه الجامع للشرائط استلام سهم الامام من الخمس فی عصر الغیبة و صرفه فی مجالاته الصحیحة شرعا، باعتبار ان الفقهاء نواب الامام (عج) بالنیابة العامة فی زمن الغیبة، فمن هنا یحق لهم استلام سهم الامام (ع) و صرفه فی المجالات التی یعلمون رضاه فی صرفه فیها؛ ...
  • ما المراد من الامبریالیة؟
    6370 الانظمة 2011/01/31
    کلمة الامبریالیة (Imperialism) فی اللغة مشتقة من الامبراطوریة؛ بمعنى تشکیل و تأسیس امبراطوریة ما؛ و لکن المعنى الاصطلاحی للکلمة یعنی: أی نوع من أنواع الهیمنة و التوسع و ضم الاراضی و التسلط على الشعوب الضعیفة بالقوة و القهر. و من البدیهی أن هذا النوع من ...
  • کم هو مقدار المسافة الشرعیة؟
    7897 الحقوق والاحکام 2010/09/19
    أ: بالنسبة إلى المسافة الشرعیة فقد ذهب الفقهاء الی عدة نظریات: قال بعضهم بأن المسافة الشرعیة 5/22 کیلومترا.[1] و یرى بعضهم أن المسافة الشرعیة 5/21 کیلومترا.[2] و ذهب بعضهم الآخر ...
  • لماذا یجب علینا قبول التاریخ الذی کتبه أناس غیر معصومین من الخطأ؟
    7653 تاريخ کلام 2010/01/23
    نحن لا نوافق علی هذا الاستدلال و هو عدم قبول العلم الذی یؤلّف و یدوّن من قبل البشر الذین من الممکن أن یخطأوا، لأنه لو کان مثل هذا الاستدلال صحیحاً فإنه ستفقد جمیع العلوم البشریة اعتبارها، و لم یمکن الوثوق فی حیاتنا المعاصرة أیضاً بأی خبر، لأن کل ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281930 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    263566 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130852 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120031 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90777 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62490 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62483 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58211 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54067 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50529 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...