بحث متقدم
الزيارة
5407
محدثة عن: 2008/09/30
خلاصة السؤال
ألا یحرم السفر الی العتبات المقدسة مع احتمال المخاطرة بالنفس؟
السؤال
جاء فی الروایات ان السفر الی المکان الذی فیه خطورة تهدد نفس الانسان لا یجوز و هو حرام. هل یصدق هذا الموضوع فیما یتعلق بالعتبات المقدسة أیضاً مع الظروف الموجودة فی العراق؛(و اذا کان السفر حراماً الی هذه الأماکن فیجب علی من یسافر الیها أن یتم فی صلاته).
الجواب الإجمالي

ان السفر الی العتبات المقدسة لزیارة القبور المطهرة و المنورة للائمة الطاهرین (ع) عمل راجح و محبذ و قد أکد علیه الائمة (ع) حیث انه یؤدی الی احیاء اسم الائمة الاطهار (ع) و ذکرهم و آثارهم و یترتب علیه ثواب کبیر.

فاذا کان مثل هذا السفر خطراً علی النفس فیجب أن یقارن مستوی الضرر مع المنافع التی یحققها هذا السفر فی حمایة الاسلام و کیان التشیع و احیاء اسم و ذکر و آثار الائمة الاطهار (ع) فاذا کانت الأهمیه و الافضلیة الی جانب هذه الآثار فانها تتقدم کما هو الحاصل علی طول تاریخ الشیعة من العمل بهذا النحو.

اما فی هذا الزمان حیث انتشر مذهب اهل البیت و اختلفت الظروف و ان شیعة العراق یقومون بمراسم الزیارة علی اکمل وجه فلا تستشعر تلک الضرورة، و مع کون العبور من الحدود مخالفة لقانون الجمهوریة الاسلامیة فی ایران و کانت الظروف بحیث ان مراجع التقلید و مسؤولی نظام الجمهوریة الاسلامیة لم یجیزوا السفر، فان السفر سیکون سفر معصیة و تکون صلاة من یسافر فی هذا السفر و أشباهه تماماً. اما الزائرون الذین لم یکن سفرهم مخالفاً للقوانین و لم یکن هناک خوف ضرر عظیم و ذهبوا الی زیارة العتبات المقدسة، فانهم اذا قتلوا صدفة من قبل المجرمین فانهم مظلومون و لهم ثواب عظیم.

الجواب التفصيلي

ان السفر الی العتبات المقدسة لزیارة القبور المطهرة و المنورة للأئمة الطاهرین (ع) هو من الامور المحبذة الراجحة و قد اکد علیه الائمة الطاهرون (ع)، و ذلک ان أعداء اهل البیت (ع) سعوا دوماً من اجل امحاء اسم الائمة الاطهار (ع) و ذکرهم و آثارهم، و قد أبطل الشیعة و محبوا أهل البیت (ع) بسفرهم و زیاراتهم – هذه التحرکات، و بالطبع فان هذه الآسفار و الزیارات لم تکن عادة خالیة من الاضرار.

اذن فیجب دوماً ان یقارن مقدار الضرر مع الآثار التی یحققها هذا السفر فی حمایة الاسلام و کیان التشیع و احیاء ذکر اسم و آثار الائمة الاطهار (ع)، فاذا کانت الأهمیة و الأفضلیة و الأولویة الی جانب هذه الآثار فی قبال حفظ النفس، فانها تتقدم کما هو الحاصل طول تاریخ الشیعة من العمل بهذا النحو.

فقد نقل التاریخ ان المتوکل العباسی کان یعاقب زوار قبر الامام الحسین (ع) بقطع الید الیمنی لکی لا یجرأ أحد علی الذهاب لزیارة قبره، لکن الشیعة تحدوا هذه العقوبة، حتی ان بعض هؤلاء، قدم کلتا یدیه فی هذا السبیل و أفشلوا بذلک خطة الاعداء.

لقد کانت هذه التضیحات فی تلک الظروف التی کان فیها کیان التشیع و حیاته متوقفة علی‌ حضور و عدم حضور الزائرین فی الحائر الحسینی لازمة و ضروریة؛ فان ما وصل الینا الیوم من آثار مذهب اهل البیت (ع) انما هو ببرکة تلک التضیحات لهؤلاء الموالین.

و علی‌ أی حال فمن وجهة النظر الفقهیة فان السفر الی العتبات المقدسة فی الظروف الحرجة و الخطرة هو من قبیل تشخیص الموضوع، فاذا ثبت بالیقین ان السفر الی العتبات المقدسة ضروری من أجل حفظ الاسلام ففی هذه الصورة یمکن الاقدام علی مثل هذا السفر.

و فی عصرنا الحاضر حیث ان مذهب التشیع انتشر و توسع، و ان شیعة العراق یقومون بمراسم الزیارة علی اکمل وجه، فلا تستشعر مثل هذه الضرورة بالنسبة للایرانیین، و من الواضح ان مثل هذه الاسفار بحب ان تتّم بالتنسیق مع مسؤولی نظام الجمهوریة الاسلامیة.

اذن، فاذا کان العبور من حدود البلد مخالفة لقانون الجمهوریة الاسلامیة فی ایران و کانت الظروف بحیث ان احد مراجع التقلید العظام حکم بعدم جواز السفر و منع من ذلک، فان السفر حینئذ یکون سفر معصیة.[1]

قال السید القائد الخامنئی حول صلاة هؤلاء الاشخاص: فی حالة کون ذلک علی خلاف القوانین فان صلاة هؤلاء فی هذا السفر و الاسفار المشابهة لذلک تامة کاملة، لان السفر سفر معصیة و قد ذکرت الرسائل العملیة ان الصلاة فی سفر المعصیة تامة.[2]

اما الزوّار الذین لم یکن سفرهم علی خلاف القوانین و لم یکن هناک خوف لضرر عظیم، و ذهبوا الی زیارة العتبات المقدسة فاذا قتلوا اتفاقاً بایدی المجرمین، فهم مظلومون و لهم ثواب عظیم.



[1] طبقا لرأی الامام الخمینی (ره) و السید القائد الخامنئی و باقی المراجع العظام، فان العمل علی خلاف قانون النظام المقدس للجمهوریة الاسلامیة فی ایران لا یجوز شرعاً و هو حرام.

[2] مکتب السید القائد الخامئنی فی قم، استفتاء هاتفی، مکتب الاجابة عن المسائل الدینیة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279468 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257334 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128196 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89026 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59878 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59589 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56881 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49821 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47190 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...