بحث متقدم
الزيارة
16523
محدثة عن: 2012/09/03
خلاصة السؤال
ما المراد بالحديث المروي عن أمير المؤمنين (ع): " الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا وَ شَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا "؟
السؤال
ما المراد بالحديث المروي عن أمير المؤمنين (ع): " الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا وَ شَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا "؟ و كيف يتم توجيه الحديث على فرض صدوره من الإمام (ع)؟
الجواب الإجمالي

إنطلاقا من الآيات و الروايات التي تنظر الى المرأة نظرة ايجابية لابد من التعامل مع الحديث المذكورة بطريقة موضوعية لمعرفة المراد منه، فان كان المراد منه أن جنس المرأة شر و ظلام و بلاء فرض على الانسان و انها لا خير فيها مطلقاً!! فمما لاريب فيه أن هكذا معنى لا ينسجم بحال من الاحوال مع التعاليم الاسلامية و سيرة النبي الاكرم (ص) و أهل بيته (ع) في نظرتهم الايجابية للمرأة و الاصول الواردة عنهم في هذا الخصوص، فلا بد حينئذ من الاعراض عن الحديث و التشكيك بصدوره عن الامام (ع).

الا أن التأمل في الحديث يكشف لنا عن معنى آخر ترتفع معه المحاذير التي تترآى للوهلة الاولى، و ذلك من خلال حمل كلمة " الشر" على معنى غير المعنى المتعارف لها. (انظر الجواب التفصيلي)

الجواب التفصيلي

ترجم الحديث المذكور الى اللغة الفارسية ترجمه – و هي المذكورة في متن السؤال- لا تنسجم مع التعاليم الاسلامية الاخرى. و لكن يمكن النظر الى الحديث المذكور من زاوية أخرى ترتفع معها الاشكالات التي قد يترآى للذهن أنها مخالفة للتعاليم الاسلامية.

هناك آيات قرآنية تعرضت للحديث عن النساء ورد فيها مفردة "الخير"، من قبيل:

1. قوله تعالى: " وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً كَثيرا".[1]

2. عندما طلب موسى (ع) الخير من ربّه تعالى و اظهر حاجته و فقره الى خير الله سبحانه كما في قوله تعالى " فَسَقى‏ لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقير".[2] جاءت الآيات التالية لهذه الآية المباركة لتبين أن الخير المراد هنا يتمثل في المرأة التي تزوجها و التي اخرجته من حالة الغربة و الوحده و آنسته في تلك الظروف العصيبة.

3. قال تعالى في مميزات الزوج الصالح " وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُم‏".[3]

4. بعد أن بين القرآن الكريم مسؤولية الرجال قبال النساء و بعض الابحاث المتعلقه بالنساء اردفه بقوله تعالى: " وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَليماً".[4]

5. عندما تعرض القرآن الكريم لبيان جنس الانسان و بداية خلق البشر صرح بان الرجل و المرأة خلقا من جنس واحد، و ذلك في قوله تعالى: " يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها".[5]

6. و عند التعرض للمعيار في التفاضل صرح القرآن بان المعيار يكمن في التقوى فالمرأة المتقية قد تكون مثلا و نموذجا يحتذي به الرجال كما في قوله تعالى عند التعرض لإمرأه فرعون: " وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لي‏ عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّني‏ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّني‏ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمين‏".[6]

إنطلاقا من هذه الآيات و الروايات التي تنظر الى المرأة نظرة ايجابية لابد من التعامل مع الحديث المذكورة بطريقة موضوعية لمعرفة المراد منه، فان كان المراد منه أن جنس المرأة شر و ظلام و بلاء فرض على الانسان و انها لا خير فيها مطلقاً!! فمما لاريب فيه أن هكذا معنى لا ينسجم بحال من الاحوال مع التعاليم الاسلامية و سيرة النبي الاكرم (ص) و أهل بيته (ع) في نظرتهم الايجابية للمرأة و الاصول الواردة عنهم في هذا الخصوص، فلا بد حينئذ من الاعراض عن الحديث و التشكيك بصدوره عن الامام (ع).

الا أن التأمل في الحديث يكشف لنا عن معنى آخر ترتفع معه المحاذير التي تترآى للوهلة الاولى، و ذلك من خلال حمل كلمة " الشر" على معنى غير المعنى المتعارف لها، و ذلك من خلال تفسير "الشر" بالمسؤولية و زيادة العناء الذي يفرضه وجود المرأة على الرجل غالبا[7]، و قد ورد استعمال مفردة الشر في هذا المعنى كما في قوله تعالى " إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً" بمعنى أن الانسان يجزع عندما يتعرض لما يكدر عليه صفو حياته.

و هناك أمثلة تتداول بين الناس قد يظهر منها هذا المعنى و التي تنطوي أحياناً على نوع من المزاح الذي لا يجرح مشعار المرأة كما في المثل الفارسي القائل "المرأة شر اللهم لا تحرمنا هذا الشر"، فلعل كلام أمير المؤمنين (ع) صدر في مثل هذه الاجواء، التي تكتشف من خلال القرآئن الحافة بالكلام؛ و الا كيف نتصور أنه عليه السلام يحكم على افضل نساء العالمين و إمرأته الكريمة السيدة الزهراء (س) بهكذا حكم؟ أو أنه عليه السلام يخالف القرآن ليصف إمرأة فرعون بانها شر مطلق!! أو يصف السيدة خديجة (س) التي هي من خير نساء العالمين حسب الرواية بانها شر مطلق!!.

إذن لابد من حمل الحديث على معنى ينسجم مع الاصول و الثوابت الاسلامية التي لا يمكن الخدشة فيها.

 


[1] النساء، 19.

[2] القصص، 24.

[3] البقرة، 221.

[4] النساء، 127.

[5] النساء، 1.

[6] التحريم، 11.

[7] بطبيعة الحال أن هذه القضية ليست عامة و شامله بل تابعه لظرفها الخاص و نوعية المرأة التي يتحمل الانسان مسؤوليتها.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279312 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256751 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128014 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112655 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88885 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59525 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59317 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56788 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49249 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47090 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...