بحث متقدم
الزيارة
6845
محدثة عن: 2009/04/21
خلاصة السؤال
لماذا یحرم زواج اُخت الملوط به علی اللائط فی الفقه الشیعی؟ لماذا جعل بعض المراجع تفاوتاً فی هذا الحکم بین وجود الشک و عدم الشک؟
السؤال
لماذا یحرم زواج اُخت الملوط به علی اللائط عند الشیعة؟.ارجو ان یکون الجواب مستندا الی القرآن الکریم. و لماذا افتی بعض المراجع بعدم حرمته فی حالة الشک؟ و لکنه أفتی البعض فی حالة الظن أو الشک بالحرمة، ما هو دلیلهم؟
الجواب الإجمالي

لا تنحصر المصادر الفقهیة فی الإسلام علی القرآن الکریم فهناک مصادر أخری یعتمدها کلا من الفقه الشیعی و السنی. من أهم تلک المصادر هی السنة الشریفة فهناک جملة من الأحکام و الجزئیّات تتوضح لنا عن طریق سنة النبی(ص) و أهل البیت(ع).

إذن لا یمکن الإکتفاء بالقرآن الکریم و هذا ما علیه جمیع المذاهب الإسلامیة، من بین تلک الأحکام حرمة الزواج من اُخت الملوط به للأدلّة الروائیة.

هناک رأی لبعض الفقهاء یعتبرون فیه شرط البلوغ فی هذا الحکم (حرمة زواج بنت و اُخت و اُم الملوط به علی اللائط) و مع الشک فی البلوغ لا تجری الحرمة. و لکن بعض الفقهاء یرون ان البلوغ لیس شرطاً فتجری الحرمة علی أی حال. نعم إذا کان مرادک من حالة الشک هو الشک فی أصل تحقق اللواط یجب أن یقال انه لا یوجد من الفقهاء الشیعة من یقول بالحرمة فی هذه الحالة.

الجواب التفصيلي

إن أهم مصادر الفقة و الأحکام عند الشیعة و السنة هو القرآن الکریم و لکن لا یمکن ان یکون المصدر الوحید، لأنه و کما یقول محمد بن ادریس الشافعی امام احد المذاهب الأربعة: لم یأت کل ما یحتاج الیه فی القرآن الکریم من ناحیة، و من ناحیة اخری إن أکثر ما جاء یحتاج الی بیان و توضیح، و لا یوجد غیر الرسول (ص) قادر علی هذا العمل، لأن الذی یحمل رسالة یجب أن یبیّنها، فإذا رفضنا السنة بشکل عام سنواجه مشکله کبیرة. فعلی سبیل المثال لم توضح عدد رکعات الصلاة الیومیّة فی الآیات الإلهیة و کذلک الی الزکاة کم مقدارها و ما هی أنواعها؟[1]

و علی هذا الأساس فإن أکثر المسلمین بل کلهم یعتبرون السنة الشریفة هی احدی المصادر المهمة فی الفقة فهناک کثیر من الأحکام تستنبط منها.

فمن جملة الأحکام الشرعیة التی نواجه قسما منها هی الصلوات الیومیّة فلم یذکر فی القرآن الکریم عدد رکعاتها و هذا أفضل دلیل علی أن هذه الأحکام یجب أن تستنبط من مصادر غیر القرآن الکریم و هو ما اتفق علیه المسلمون جمیعاً.

و هذا الامر لا یختص بالفقه الشیعی بل المذاهب الأربعة الاخری لأبناء العامة توجد فیها مصادر اخری غیر القرآن الکریم و السنة النبویة الشریفة( روآیات النبی و أهل البیت(ع)) و هی العقل و الإجماع و هناک من اعتبر - المالکیّة و الحنابلة- "سد الذرایع" دلیلا آخر الی جانب تلک الأدلة و المصادر الفقهیة المهمة[2]، و کذلک القیاس حیث اعتبره ابو حنیفة حجة بالإضافة الی المصادر الاخری.[3]

یجب ان یقال بعد ذکر هذه المقدمة ان حرمة الزواج من اخت و اُم و بنت الملوط به علی اللائط هی من المسائل التی استنبطت من روایات الأئمة المعصومین(ع).

و قد بحثت هذه المسألة بحثاً مفصلاً فی کتب فقهاء الشیعة الکبار[4] لکنها لا تختص بالشیعة فقط حیث نسبت الی بعض کبار علماء اهل السنة مثل احمد بن حنبل و الاوزاعی.[5]

و هناک من الفقهاء من استفاد من روایات أئمة أهل البیت(ع) بأن الحرمة تنتشر متی ما کان الشخص اللائط بالغاً و الا فلا حرمة، فاذا شک فی مورد من الموارد بأن الشخص اللائط عند العمل کان بالغاً أم لا؟ فلم تحرم علیه اخت الملوط به، و لکن من الفقهاء من لا یعتبر هذا الشرط(یعنی کون اللائط و من باب اولی الملوط به بالغاً أو لم یکن بالغاً فإن اخت و ام و بنت الملوط به تحرم علیه)، فإن الشک هنا لا أثر له و إنما الحرمة جاریة علی أی حال.[6]

نعم إذا کان مرادک من الشک هو الشک فی أصل تحقق اللواط فیجب أن یقال هنا انه لا یوجد و لو شخص واحد من الفقهاء من یفتی بالحرمة، و هذه الرسائل العملیة صریحة بإنه اذا شک فی الدخول أو عدمه فلا حرمة حینئذٍ.[7]

من الطبیعی یجب ان نلحظ هذه المسألة و هی ان الحرمة تحصل فی فرض ان اللواط لم یحصل بعد الزواج بالام أو اخت أو بنت الملوط به، فإذا تزوج شخص باُم أو اخت أو بنت شخص آخر و حصل اللواط بعد الزواج فلا حرمة حینئذٍ.[8]



[1] ولائی، عیسی،المعجم لشرح اصطلاحات علم الاصول، ص217 و 216، النشر: نی.

[2] اصطلاحات علم الاصول، ص213.

[3] معزی الملایری، اسماعیل، جامع احادیث الشیعة، ج 1،ص391 ،ح 532 اعتراض الامام الصادق(ع) علی ابی حنیفة فی قبول القیاس.

[4] علم الهدی،سید مرتضی، الانتصار، ص256، مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة قم.

[5] النووی، محی الدین، المجموع،ج 6، ص221، انتشارات دارالفکر.

[6] توضیح المسائل للمراجع ،ج 2، ص 473 ، المسألة 2405.

[7] نفس المصدر.

[8] نفس المصدر، المسألة 2406.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257237 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113242 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59549 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49728 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...