بحث متقدم
الزيارة
5634
محدثة عن: 2010/08/05
خلاصة السؤال
إذا نوى أحد أن یعمل عملاً لینال رضا الله سبحانه، لکن فقد نیته الخالصة بمجرد شروعه بالعمل، فحینئذ هل یبقى له أجر عند الله؟
السؤال
إذا نوى أحد أن یعمل عملاً لینال رضا الله سبحانه، لکن فقد نیته الخالصة بمجرد شروعه بالعمل، فمع هذا هل یبقى له أجر عند الله؟ أرجوا أن توضحوا مفهوم النیة الخالصة. کیف یمکن أن نجرد الریاء عن هذه النیة؟
الجواب الإجمالي

فی التعالیم الإسلامیة، لا یکفی الحسن الفعلی للعمل أو حسن العمل فحسب، بل الحسن الفاعلی أو إتیان العمل بنیة خالصة أیضا شرط فی قبوله. بالإضافة إلى ذلک لا یکفی إتیان العمل بنیة خالصة فحسب، بل الاستمرار فی النیة الخالصة هو الشرط الآخر لقبوله، إذ یقول الله سبحانه: "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلا یُجْزى‏ إِلاَّ مِثْلَها وَ هُمْ لا یُظْلَمُون‏" کما تشاهدون فی الآیة، لم یقل الله "من عمل حسنة" بل قال: "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ". فمعنى الآیة هو أنه لا بد للإنسان الا أن یوفر شروطاً بعد ما عمل الحسنات لکی یستطیع أن یأتی بها إلى دار القرار.

الجواب التفصيلي

من أصعب الأمور هو تداوم و استمراریة الإخلاص فی ما یأتی به الإنسان مخلصاً لله. ففی بعض الأحیان یصبح الإخلاص فی العمل و البقاء علیه أصعب بکثیر من القیام بأصل العمل. یقول الإمام الصادق (ع): "الابْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى یَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَل‏." [1]

 إذن فی التعالیم الإسلامیة، لا یکفی الحسن الفعلی أو حسن العمل فحسب، بل الحسن الفاعلی أو إتیان العمل بنیة خالصة أیضاً شرط فی قبوله. بالإضافة إلى ذلک لا یکفی إتیان العمل بنیة خالصة فحسب، بل الاستمرار فی النیة الخالصة هو الشرط الآخر لقبوله. و قد أشار الله سبحانه و تعالى إلى ذلک فی القرآن حیث قال فی الصدقات: (یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الاذى‏ کَالَّذی یُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلى‏ شَیْ‏ءٍ مِمَّا کَسَبُوا وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرینَ) [2]

فتبین هذه الآیة حال أولئک الذین یعملون الصالحات بنیة خالصة، لکن بعد ذلک یبطلون عملهم بالمنّ و الأذى، الأمر الذی یدل على نیة مشوبة. فقد شبههم الله بالمرائین الباطلة أعمالهم جمیعاً من البدایة، وذلک بسبب ریائهم.

فکما جاءت التوصیة بالعمل الصالح و الحث علیه، کذلک عدّ الحفاظ علیه مهماً. فالقیام بالأعمال الحسنة یشبه الحصول على درّة ثمینة. فمن حصل على درّة کهذه، یجب علیه أن یحافظ علیها لکی یستطیع أن یعرضها فی متجر القیامة. یقول الله سبحانه و تعالى: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلا یُجْزى‏ إِلاَّ مِثْلَها وَ هُمْ لا یُظْلَمُون‏) [3] کما تشاهدون فی الآیة، لم یقل الله "من عمل حسنة" بل قال: "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ". فمعنى الآیة هو أنه لا بد للإنسان من أن یوفر شروطاً بعد ما عمل الحسنات لکی یستطیع أن یأتی بها إلى دار القرار. [4] إذن لا بد من التجنب عن کل أنواع الریاء و المنّ وغیره من الأعمال التی تؤدی إلى زوال الحسنات.

یستفاد من بعض الروایات أنّ من عمل الصالحات و کان جزء من نیته لغیر الله، فلا یقبل منه. یقول الإمام الصادق (ع): "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا خَیْرُ شَرِیکٍ مَنْ أَشْرَکَ مَعِی غَیْرِی فِی عَمَلٍ عَمِلَهُ لَمْ أَقْبَلْهُ إِلا مَا کَانَ لِی خَالِصا" [5]

هناک أبحاث مهمة أخرى حول الإخلاص و الحفاظ علیه، تستطیع أن تراجعها فی العناوین التالیة:

1ـ سؤال 2492 (الموقع: 2850)، تحصیل النیة الخالصة.

2ـ سؤال 5073 (الموقع: 5295) معالجة الریاء.

3ـ سؤال 4832 (الموقع: 5171) تناسب الثواب مع الأعمال.


[1] الکلینی، الکافی، ج 2، ص 16.

[2] البقرة، 264.

[3] الأنعام، 160.

[4] استفدناه من دروس التفسیر لسماحة آیة الجوادی الآملی

[5] الکافی، ج 2، ص 295، باب الریاء.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279433 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257223 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128134 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113232 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88989 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59831 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59545 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56852 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49722 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47161 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...