Please Wait
6926
قبل الخوض فی الموضوع نرى من الضروری الاشارة الى هذه القضیة، و هی أن التقلید ینبغی أن یقوم على أسس و معاییر و ضوابط علمیة خاصة، لا اننا نفترض أموراً ثم نبحث عن الادلة الداعمة لها فی کلمات العلماء فنختار من کلماتهم ما یوافق ما نفترضه نحن، إذ من البدیهی أن هذا الاسلوب لا یمت الى التقلید بصلة قطعاً.
و مع الابهام و الغموض الموجود فی متن السؤال نرى تفکیک القضیة الى المحتملات التالیة بصورة مختصرة:
1- اذا کان المراد من السؤال إلزام الفقهاء الذین لم تثبت عندهم الولایة بتغییر آرائهم و الاعتقاد بالولایة!
لاریب أن هذا الفرض باطل لان الفقیه الذی یکون قد استنبط الحکم وفقاً للادلة و القوانین العلمیة و الشرعیة مراعیاً شروط الاستنباط، لا یمکن اجباره بحال من الاحوال على التراجع عن رأیه العلمی؛ نعم، یمکن المناقشة فی الادلة و البراهین التی اعتمدها و مناقشته من خلال اصول الاستنباط لزعزعة ما توصل الیه من رأی، و مناقشته – إن أمکن- وفقاً للمبانی و الاسس التی یعتمدها و یتبناها.
یقول سماحة السید القائد (دام ظله) فی هذا الخصوص: "ولایة الفقیه لها جذور فی أصل الإمامة، و مَن أوصله الاستدلال إلى عدم القول بها فهو معذور، و لکن لا یجوز له بث التفرقة و الخلاف"[1].
إن ما نشاهده عملیاً من إختلاف بین أکثر الفقهاء فی دائرة ولایة الفقیه و المناقشة فی الولایة المطلقة للفقیه[2] ینحصر فی الجانب العلمی فقط.
2- على فرض کون قضیة ولایة الفقیه من القضایا الکلامیة التی لا مجال للتقلید فیها، فحینئذ یحق لمقلدی الفقهاء الذین لایؤمنون بولایة الفقیه أو یؤمنون بدائرة ضیقة منها، الرجوع - من باب الرجوع الى المختص – الى مطالعة کلام العلماء القائلین بها و القبول بها بنحو إجمالی و لکن من الناحیة النظریة لایؤمنون بها شأنهم شأن الفقهاء الذی یرجعون الیهم، الا انه لا یحق لهم من الناحیة العملیة القیام بما یؤدی الى الاخلال بوحدة المجتمع الاسلامی و اضعافها؛ و ذلک لانه ینبغی على الذی یعارض النظام أن یهدف الى نظام أفضل منه.
إذ لعل الافراد الذین لا یعتقدون بنظام المرجعیة و التقلید یطمحون الى نظام بدیل طبقاً للنماذج الرائجة فی العالم و یعتبرون ذلک هو النظام الامثل و البدیل المناسب لنظام ولایة الفقیه، لکن الحال بالنسبة الى مقلدی الفقهاء غیر المستعدین لتشکیل الحکومة یخلتف تماماً حیث یسألون عن الهدف الذی یرومونه و الغایة التی تقف وراء مخالفتهم للولی الفقیه و ما هو النظام البدیل عندهم؟!
3- أما لو کان المراد من السؤال هو البحث عن موقف الفقهاء الذی یؤمنون بالولایة کنظریة لکنهم یناقشون فی المصداق و ما هو تکلیفهم مقابل ذلک؟
لا ریب أن السماح لکل فقیه لا یؤمن بالولی المتصدی للقیادة، بالقیام بما یحلو له من المخالفة و العصیان و التمرد على قوانین الحکومة، لازمه انتشار حالة من الهرج و المرج و اختلال النظام العام؛ لان کل فقیه نفترض تصدیه للقیادة هناک من لا یقبل به.
و الذی یبدو أن هذه القضیة عولجت معالجة حکیمة فی قانون الجمهوریة الاسلامیة حیث سمح للمخالفین فی بعض الموضوعات التحرک ضمن الاطر القانونیة و متابعة القضیة لاثبات ما یرومونه.