بحث متقدم
الزيارة
5512
محدثة عن: 2009/05/21
خلاصة السؤال
إذا کان الشخص میّتاً و مقطوع الصلة بالدنیا أ لیس من اللؤم ان نطلب إبعاده عن رحمة الله؟ اننا لا نعادی الأشخاص بل نعادی أعمالهم، فلماذا نلعن فی زیارة عاشوراء أشخاصاً قد ماتوا و یکون اللعن دائمیّاً أیضاً؟
السؤال
کنت أقرأ زیارة عاشوراء مع الإلتفات الی معانیها فانقدح بذهنی هذا السؤال و أشکرکم سلفاً علی اجابتکم:
(و العن عبید الله بن زیاد و ابن مرجانة و عمر بن سعد و شمراً و آل أبی سفیان و آل زیاد و آل مروان الی یوم القیامة) (علیهم منک اللعنة ابد الآبدین) فاذا کان الشخص میتاً و مقطوع الصلة بالدنیا أ فلیس من اللؤم ان نطلب إبعاده عن رحمة الله؟ ألیس هذا بعیداً عن معنی "رحمة للعالمین"؟ نحن نعتقد أن الائمة (ع) کانوا یحبون حتی أعداءهم، فقد کانوا حریصین علی مصیر حتی الشخص الذی یقاتلهم و کانوا یرشدونهم الی الطریق الصحیح قبل بدء الحرب، ای انهم کانوا یریدون تقریب الناس الی رحمة الله، فنحن لا نعادی الأشخاص و انما نعادی أعمالهم (لو علم المدبرون کیف اشتیاقی لهم لماتوا شوقاً)، إذن فلماذا نلعن الموتی و یکون لعننا دائمیاً؟
الجواب الإجمالي

إن لعن یزید و أمثاله قد وقع – قبل کل أحد – من قبل الله تعالی و النبی الخاتم (ص) و أوصیائه(ع) الذین هم عین الرحمة الإلهیة و تجسمها بالنسبة الی‌ خلق الله.

فبعض الناس علی رغم حریّتهم و معرفتهم بالدین الإلهی و العقوبات المقرّرة فیه یخالفون الأوامر و مضامین الدین، و إضافة الی تجاوزهم علی حق أنفسهم یتجاوزون علی حق الله و حق الناس و بذلک یجعلون أنفسهم مستحقّین للعّن و العذاب الدنیوی و الأخروی و بناء علی هذا فإن لعن الملعونین الذی هو تأسی بالفعل الإلهی و النبوی و بفعل الائمة (ع) هو ناشئ من قبائح الملعونین و خبائثهم حیث إنهم انغمسوا فی الذنوب و المعاصی بما جعلهم مستحقین للعذاب الإلهی الدائمی. ان رحمة الله – طبقاً لتعالیم القرآن الکریم و أهل البیت (ع) – انما تشتمل الذین یجعلون أنفسهم فی مسیر نسیم الرحمة و لهذا یتحدّث القرآن عن أفراد مخلّدین فی عذاب الله الی الأبد.

الجواب التفصيلي

إن ذات الله تعالی و هو منشأ الرحمة و موطنها قد لعن فی القرآن الکریم أشخاصاً کثیرین؛ مثل الذین یؤذون الله و رسوله، و المنافقین و المشرکین رجالاً و نساءً و الذین یکتمون الآیات الإلهیة و الیهود الذین یعتقدون أن ید الله مغلولة و الذین یتهمون النساء المؤمنات.[1]

و هذه الموارد تدلّ علی ان بعض الناس مع وجود الإختیار الذی و هبهم الله، ینغمسون فی الذنوب و المعاصی الی الدرجة التی یجعلون أنفسهم مستحقّة للعذاب الإلهی الدائم. و الرحمة الإلهیة – بناء علی تعالیم القرآن الکریم و النبی الاکرم(ص) و أهل البیت (ع) – إنما تشمل الأفراد الذین یجعلون أنفسهم فی مسیر نسیم الرحمة و یذکر القرآن أفراداً مخلدین الی الأبد فی العذاب الإلهی.[2]

فاذا ورد الأمر من قبل الله او النبی أو الأئمة(ع) بلعن بعض الأشخاص، فإنّه یستنتج من ذلک ان هؤلاء الأشخاص کانوا من الذین أغلقوا علی أنفسهم جمیع طرق وصول الرحمة الإلهیة، و أغرقوا انفسهم فی المعاصی و الذنوب بحیث لم یبق أمل فی نجاتهم. إن الإمام أمیر المؤمنین علیاً (ع) و الإمام الحسین و... (ع) و کما ذکرتم کانوا یرشدون الناس قبل بدء الحرب الی طریق الحق، و لکنهم کانوا إذا لم یقبل کلامهم یواجهونهم بأشّد ما تکون المواجهة.

أساساً لماذا لا ینبغی التحدث عن أعمال شخص ظالم قد مات، و لعنه بسبب ذلک؟

فالی الآن و بعد أکثر من ألف سنة من نزول القرآن لا زال ملّف أمثال أبی لهب مفتوحاً حیث نقرأ فی القران: "تبّت یدا أبی لهب و تب".[3]

ان التبرّی من أعداء الله و أهل البیت (ع) هو من التعالیم الأساسیة للمذهب؛ ان الحب أو (التولّی) انما یکون له معنی إذا کان التبرّی الی جنبه.

و قد اعتبرت بعض الروایات ان لعن أعداء الله و أهل البیت (ع) أفضل من الصلوات و السلام علی‌ هذه الذوات المقدسة.[4]

نعم! نحن لا نعادی الناس المؤمنین الّذین یصدر منهم أحیاناً بعض المخالفات، بل نعادی أعمالهم، و لکن کیف یجب التعامل مع الذین یستمرون فی إرتکاب الکبائر کقتل أولیاء الله مع اتضاح الحقائق؟ و قد روی عن الإمام الکاظم (ع) انه سئل: " الرجل من موالیکم یکون عارفاً، یشرب الخمر و یرتکب المؤبّق من الذنب نتبرأ منه؟ فقال: تبرءوا من فعله و لا تتبرءوا منه، أحبّوه و أبغضوا عمله. قلت: فیسعنا ان نقول: فاسق فاجر؟ فقال: لا، الفاسق الفاجر الکافر الجاحد لنا الناصب لأولیائنا، أبی الله أن یکون ولینا فاجراً و ان عمل ما عمل و لکنکم تقولون: فاسق العمل فاجر العمل مؤمن النفس خبیث الفعل طیب الروح و البدن ...).[5]

و اما الذین أنکروا حق الأئمة (ع) الذین جاؤا لهدایة الناس الی الله و جذبهم الی الرحمة الإلهیة الواسعة – و سفکوا دماءهم و حرموا الأجیال البشریة من هذا الفیض العظیم، فانهم قد جعلوا أنفسهم مستحقة دائما للعن الله و جمیع أولیائه. و العذاب الأبدی ینزل بهم بسبب حرمانهم البشر إلی یوم القیامة من مصابیح الهدایة.



[1] الأحزاب، 57؛ الفتح 6؛ البقرة، 159؛ المائدة، 64؛ النور، 23.

[2] الأحزاب، 65.

[3] المسد، 1.

[4] النجفی الرازی، ابو الحسن بن محمد، مجمع النورین و ملتقی البحرین،ص 243، نشر آل عبا، قم.

[5] مستدرک الوسائل، ج12، ص 237.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل یمکن لغیر المعصوم ان یکون مصداقاً لخلیفة الله؟
    7933 الکلام القدیم 2008/05/26
    قبل التعرض لمصادیق خلیفة الله یلزم ان نوضح من هو خلیفة الله و ما هی اوصافه؟ تستبطن کلمة الخلافة فی داخلها هذا المعنی و هو ان الخلافة ظهور المستخلف عنه فی الخلیفة، و ان الخلیفة هو من استندت هویته الی المستخلف عنه و لیس له حقیقة أو معنی بمعزل ...
  • ماذا تعني الملكية المشاعة او الشائعة؟
    4627 گوناگون 2022/03/05
    "المال المشاع"؛ وهو مال يشترك فيها عدة أشخاص ولا يمكن تمييز نصيب كل منهم في الخارج؛ مثل الملكية المشترکة للممر او الدرج فی عمارة سكنية مشترکة، فانه لا يجوز لكل من المالكین التصرف فی هذا النوع من الملک بشکل يتعارض مع ملكية الشركاء الآخرين. ...
  • هل الاكتحال و التزين اثناء الصيام مبطل للصوم؟
    6285 الحقوق والاحکام 2012/04/08
    لا يعد ذلك من مبطلات الصيام، و لكن لا يبعد كراهة كل ما يعد من الاكتحال، و اما سائر ادوات التجمیل فلا كراهة فيها اذا كانت بصورة رقيقة.[1] نعم، اشار مراجع التقليد الى حرمة تجمل المرأة أمام الرجال الاجانب.
  • اذکروا آیة أو حدیثاً یثبت الاجتهاد.
    7999 الحقوق والاحکام 2007/09/11
    الاجتهاد فی الاصطلاح عبارة عن: بذل الجهد و البحث العلمی من أجل درک و استنباط الحکم الشرعی من أدلته (القرآن، السنة، العقل، الاجماع) و قد أکد علی أهمیته القرآن الکریم و أحادیث الائمة الاطهار، یقول الله فی سورة التوبة، الآیة 122: « وَ ما کانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا کَافَّةً فَلَوْ لا ...
  • لماذا یرى الغزالی شارب الخمر – بعد حدیث ٍ معه- أفضل منه، إذ قد یبتلى بما هو أسوء منه؟
    5601 گناه و رذائل اخلاقی 2015/06/10
    وقع الخلاف بین علماء المسلمین و متکلمیهم فی حکم مرتکب الکبیرة، حیث ذهب کل فریق الى تبنی موقف خاص من القضیة، و تعددت الأقوال فیها: ألف. مرتکب الکبیرة کافر؛ ب. مرتکب الکبیرة فاسق منافق؛ ج. مرتکب الکبیرة مؤمن فاسق؛ د. مرتکب الکبیرة لا مؤمن ولا فاسق بل منزلة ...
  • هل أن ملک الموت یقبض روح کل موجود حی؟
    8973 الکلام القدیم 2009/04/09
    الذی یفهم من إطلاق الروایات أن عزرائیل ملک الموت یتربع على القمة بالنسبة إلى الوسائل الإلهیة فی مسألة قبض الأرواح و أنه یقبض جمیع الأرواح للموجودات الحیة.و لکن الأمر المهم الذی لا بد من معرفته هو أن الله سبحانه هو الذی یقبض جمیع الأرواح بالنسبة للأحیاء جمیعاً و لکنه ...
  • هل یمکن بیان ملاکٍ کلی لمعرفة الحق؟
    5021 الحقوق والاحکام 2011/10/29
    جواب آیة الله مهدوی هادوی الطهرانی (دامت برکاته):إن معرفة الحق أمر مشکل، و لکن لیست غیر ممکنة، و أیسر طرقها الرجوع إلى العلماء المتقین المطلعین على الأمور، نسأل الله أن یعین الجمیع على معرفة الحق. ...
  • ما السبب في تسمية الامام الرضا (ع) بكافل او ضامن الغزال؟
    26992 تاريخ بزرگان 2012/04/17
    من الالقاب المشهورة للإمام الرضا (ع) لقب ضامن الغزال، و يعود هذا اللقب الى قضية تاريخية ملخصها: ان الامام الرضا (ع) ضمن الغزل لاحد الصيادين حتى عادت له مرة أخرى فتاب ذلك الصياد و ترك الغزالة تذهب لحالها. و لكن تلك القصة لم ترد في أية مصدر ...
  • ما هو الحل فی حالة اختلاف الوارث فی تنفیذ الوصیة «حتى لو کانت مثبتة بشکل رسمی»؟
    5795 الحقوق والاحکام 2010/05/01
    استناداً إلى ما ورد فی سؤالکم من تساؤلات وکّلنا الأمر إلى مکاتب المراجع العظام، و قد جاءت أجوبة عدد منهم على الوجه التالی:مکتب آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):ارجعوا إلى المحکمة، ...
  • فی أی عام تم القرآن الکریم؟
    7073 علوم القرآن 2009/07/07
    اختلفت الروایات فی تحدید آخر سورة نزلت من القرآن الکریم؛ ففی بعض الروایات أن آخر سورة هی سورة النصر، و فی بعضها الآخر انها سورة براءة، و فی روایات اخرى ورد ان آخر ما نزل هو الآیة 281 من سورة البقرة، و فی روایات اخرى ان آخر ما نزل هو ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281915 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    263514 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130837 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119993 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90766 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62467 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62458 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58201 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54052 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50500 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...