بحث متقدم
الزيارة
7011
محدثة عن: 2011/12/31
خلاصة السؤال
هل من المحتم دخول تارک الصلاة فی النار حتى اذا کان من المحسنین و اصحاب الاعمال الخیرة؟
السؤال
هل من المحتم دخول تارک الصلاة فی النار حتى اذا کان من المحسنین و اصحاب الاعمال الخیرة؟
الجواب الإجمالي

اعطت الارشادات و التعالیم الدینیة الصلاة أهمیة کبیرة جدا، و اعتبرتها اول الاعمال العبادیة، حتى اعتبرت عمود الدین و قوامه، وان الصلاة اذا قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها. و لکن فی الوقت نفسه نرى صریح الآیات القرآنیة ان الانسان یتلقى ثواب عمله مهما دق او صغر" فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ* وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَه".

الجدیر بالذکر هنا هو ان ترک الصلاة یمکن ان یکون منطلقا من احد سببین، الاول: انکار کونها من الاعمال العبادیة التی أمر الشارع بها، و لاریب ان انکار الضروری یؤدی الى دخول النار و عذاب جنهم. الثانی: ان لا یکون الترک منطلقا من الانکار و انما سببه التساهل و التماهل فی القضیة و العجز عن أدائها، و لا ریب ان الموقف هنا یختلف عن الموقف فی الحالة

الاولى.
الجواب التفصيلي

الاجابة عن السؤال المطروح رهینة بالبحث عن عدة مسائل، قد تکون نافعة فی الوصول الى اجابة شافیة عن السؤال.

1. کلنا یعلم بان الارشادات و التعالیم الدینیة اعطت للصلاة أهمیة کبیرة جدا، و اعتبرتها اول الاعمال العبادیة؛ بمعنى انها تأتی فی المرتبة الاولى بعد اصول الدین، و فی مقدمة الفروع، حتى اعتبرت عمود الدین و قوامه، وان الصلاة اذا قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها.[1] هذه هی منزلة الصلاة بین الاحکام العبادیة فلم یسمح الشرع بترکها بحال من الاحوال "الصلاة لا تترک بحال" الا اذا فقد الانسان وعیه بسبب الجنون او الاغماء المستوعب للوقت. ثم اننا اذا تأملنا فی الصلاة نجد انها تبلور و تمظهر للعبودیة و الخضوع و التسلیم لله تعالى و هی السلاح الماضی الذی یوجهه الانسان للشیطان و جنوده الذی استنکف عن اطاعة أمر الله تعالى له بالسجود.

2. صریح الآیات القرآنیة ان الانسان یتلقى ثواب عمله مهما دق او صغر" فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ * وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَه‏"[2] و الآیة مطلقة بان عمل الخیر یتقبل و یرى صاحبه ثماره و الاطلاق یشمل من یقوم بالخیر و لم یکن من المصلین.

3. قال تعالى فی کتابه الکریم: "... ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلینَ* إِلاَّ الَّذینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون"؛[3] و لاریب أن من تلک الاعمال الصالحة اقامة الصلاة. و ربما تکون هناک اعمال خیر اخرى یستحق صاحبها الثواب.

4. الملاک فی قبول الاعمال العبادیة، انطلاقها من نیّة خالصة و تقربا الى الله تعالى؛ بمعنى ان الانسان لو قام بافضل الاعمال العبادیة کالصلاة و... بلا اخلاص و لا نیة تقرب الى الله تعالى، لا یتقبل منه، خاصة اذا کانت بنیّة الریاء و الشرک، بل قد تعد حینئذ من السیئات.

یمکن القول انطلاقا من خلال هذه المقدمات: صحیح ان للصلاة آثارها و برکاتها الجمّة و الکثیرة التی من جملتها القرب من الله تعالى و ان الانسان التارک للصلاة محروم من هذه النعمة، و ان الصلاة تمثل الذکر الالهی و ان التارک لها فاقد لهذه الخصائص و الصفات الحمیدة و لا ینتفع بهذه الهبات الالهیة، و لکن لما کان عزّ شأنه قد وعد عباده بانه بالمغفرة و العفو عنهم الا من مات على الشرک، من هنا لا یمکن القطع بان مجرد عدم الاتیان بالصلاة یؤدی بصاحبه الى الجحیم و أن کل من ترک الصلاة دخل الجنة، فلعل الرحمة الالهیة تدارک الکثیر منهم.

نعم، الجدیر بالذکر هنا هو ان ترک الصلاة یمکن ان یکون منطلقا من احد سببین، الاول: انکار کونها من الاعمال العبادیة التی أمر الشارع بها، و لاریب ان انکار الضروری یؤدی الى دخول النار و عذاب جنهم. الثانی: ان لا یکون الترک منطلقا من الانکار و انما سببه التساهل و التماهل فی القضیة و العجز عن أدائها، و لا ریب ان الموقف هنا یختلف عن الموقف فی الحالة الاولى، و قد اجبنا عنه فی السؤال رقم 375 من هذا الموقع.



[1] "...إِنَّ أَوَّلَ مَا یُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِلَ مَا سِوَاهَا..."، الکلینی، الکافی، ج 2، 268، دارالکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش.

[2]الزلزلة، 7-8.

[3] التین، 5، 6.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257227 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128137 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113236 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88993 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59834 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49725 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47163 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...