بحث متقدم
الزيارة
5773
محدثة عن: 2010/11/09
خلاصة السؤال
هل توجد علاقة بین حفظ القرآن و الکآبة؟
السؤال
لماذا نشاهد على حفظة القرآن نوعاً من الکآبة؟ و هل توجد علاقة بین حفظ القرآن و الکآبة؟ علما أن هؤلاء الحفظة موفقون من الناحیة الدراسیة لکنهم یزدادون کآبة کلما اوغلوا فی الحفظ!!
الجواب الإجمالي

تتضح الاجابة عن السؤال المطروح من خلال ملاحظة الامور التالیة:

1. اذا کان المراد من السؤال حصول الکآبة و القلق الروحی و النفسی، فلا ریب أنه لاتوجد أیة علاقة بینها و بین حفظ القرآن الکریم، بل العکس هو الصحیح فلربما بعث حفظ القرآن على الانشراح و الابتهاج الروحی؛ و ذلک لان القرآن یبعث فی الحافظ نورانیة و معنویة خاصة ینشرح معها صدره و تسمو روحه و تطمئن نفسه من کل ما یریبها، و قد اشارت الآیة الکریمة الى هذه الحقیقة فی قوله تعالى "الا بذکر الله تطمئن القلوب".[1] هذا لمن استئنس بالقرآن و مفاهیمه و تعالیمه السامیة[2]، نعم، من اکتفى بحفظ القرآن کالفاظ و آیات و لم یتعمق فی معانیها و لم یطلع على ما یکمن فیها من المعارف و الحقائق السامیة و انه اتخذ من الحفظ وسیلة لتحصیل المکاسب الدنیویة لا تشرق تلک الانوار فی روحه و قد اشارت الروایات الى تلک الحقیقة قال آمیر المؤمنین: "ألا لا خیر فی علم لیس فیه تفهّمٌ أَلا لا خیر فی قراءة لیس فیها تدبُّرٌ أَلا لا خیر فی عبادة لیس فیها تفقُّهٌ".[3] و عن أَبی عبد اللَّه (ع) فی حدیث قال: "إِنَّ من النَّاس من یقرأُ القرآن لیقال فلانٌ قارِئٌ و منهمْ من یقرأُ القران لیطْلُب به الدُّنْیَا و لا خیر فی‏ ذلک و منهم من یقرأُ القرْآن لینتفع به فی صلاته و لیله و نهاره".[4]

ثم قد یستشعر القارئ التعب البدنی من خلال عملیة الحفظ التی لیست من الامور الهینة و التی تأخذ وقتاً و جهداً کبیرین منه فیفسر ذلک من قبل بعض الناس بانه نوع من الکآبة! و الحقیقة أنه تعب و جهد عارض یزول بعد فترة قصیرة جداً.

2. قد یکون ذلک نابعا من أنس الشخص بالقرآن و کلام الله تعالى الذی شع فی صدره و روحه فجعله یعیش مع تلک الحالة الروحانیة العالیة فتظهر على وجهه علامات یتصور البعض أنها کآبة! فهو عندما یردد الآیات التی فیها انذار و تحذیر یعیش حالة الخوف و الرعب من جهنم و من أهوال یوم القیامة، و قد صفهم أمیر المؤمنین و سید المرسلین (ع) هؤلاء بقوله: " و هم و النار کمن قد رآها، فهم فیها معذبون... قلوبهم محزونه، و شرورهم مأمونه، و اجسادهم نحیفه... ینظر الیهم الناظر فیحسبهم مرضی و ما بالقوم من مرض "[5] فلا علاقة إذن بین حفظ القرآن و بین الکآبة.

3. من الافضل لحافظ القرآن عدم الاقتصار على التعامل مع القرآن الکریم کالفاظ و حروف و إنما علیه أن یعطی لمفاهیم القرآن و تعالیمه السامیة نصیباً من وقته حتى یحصل على الثمرة المرجوة من وراء الحفظ و لکی یسطع نور القرآن فی قلبه و روحه و ینال السعادة الدنیویة و الاخرویة، و یکون همه الاکبر ان یعکس صورة جمیلة و ناصعة عن حملة القرآن و المؤمنین بحیث یحبب بسلوکه القرآن و تعالیمه الى الناس لا ان یعکس صورة تنفر الاخرین من الاقتراب من القرآن.

4. لیس جمیع حفاظ القرآن من قبیل ما جاء فی متن السؤال بل الاعم الاغلب منهم اناس اجتماعیون منفتحون على الآخرین و یعیشون مع الناس حیاة ملؤها المحبة و الاحترام، بل انهم ینالون احترام حتى المخالفین و المعاندین اقتداء بوصیة إمامهم أمیر المؤمنین (ع) " یا بنِیَّ عاشرُوا النَّاسَ عِشْرَةً إِنْ غبْتُمْ حَنُّوا إِلَیْکُمْ وَ إِنْ فُقِدْتُمْ بَکَوْا عَلَیْکُم‏".[6]



[1] الرعد،28.

[2] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): "إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالتَّخَشُّعِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ لَحَامِلُ الْقُرْآنِ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ بِالصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ لَحَامِلُ الْقُرْآنِ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ یَا حَامِلَ الْقُرْآنِ تَوَاضَعْ بِهِ یَرْفَعْکَ اللَّهُ وَ لَا تَعَزَّزْ بِهِ فَیُذِلَّکَ اللَّهُ یَا حَامِلَ الْقُرْآنِ تَزَیَّنْ بِهِ لِلَّهِ یُزَیِّنْکَ اللَّهُ بِهِ وَ لَا تَزَیَّنْ بِهِ لِلنَّاسِ فَیَشِینَکَ اللَّهُ بِه‏". الکافی، ج 2، ص 604، ح 5ِ.

 عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: "قُرَّاءُ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَاتَّخَذَهُ بِضَاعَةً وَ اسْتَدَرَّ بِهِ الْمُلُوکَ وَ اسْتَطَالَ بِهِ عَلَى النَّاسِ. وَ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَحَفِظَ حُرُوفَهُ وَ ضَیَّعَ حُدُودَهُ وَ أَقَامَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِ فَلَا کَثَّرَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَضَعَ دَوَاءَ الْقُرْآنِ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ فَأَسْهَرَ بِهِ لَیْلَهُ وَ أَظْمَأَ بِهِ نَهَارَهُ وَ قَامَ بِهِ فِی مَسَاجِدِهِ وَ تَجَافَى بِهِ عَنْ فِرَاشِهِ فَبِأُولَئِکَ یَدْفَعُ اللَّهُ الْبَلَاءَ وَ بِأُولَئِکَ یُدِیلُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ بِأُولَئِکَ یُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَیْثَ مِنَ السَّمَاءِ فَوَ اللَّهِ لَهَؤُلَاءِ فِی قُرَّاءِ الْقُرْآنِ أَعَزُّ مِنَ الْکِبْرِیتِ الْأَحْمَرِ". وسائل‏الشیعة، ج 6، ص182

[3] وسائل الشیعة، ج 6، ص 173.

[4] وسائل‏الشیعة، ج 6، ص 182.

[5] نهج البلاغة، خطبة المتقین.

[6] بحارالأنوار ج : 42 ص : 247.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279357 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256905 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128056 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112876 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88917 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59626 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56810 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49383 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47110 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...