بحث متقدم
الزيارة
6008
محدثة عن: 2012/09/19
خلاصة السؤال
هل حکم الشیء المتنجّس کعین النجاسة؟
السؤال
هل حکم الشیء المتنجّس کعین النجاسة؟ و هل هذه المسألة متّفق علیها عند کل الفقهاء؟
الجواب الإجمالي

النجس: هو ما کانت نجاسته ذاتیة بحیث لا یمکن زوالها بحال من الاحوال ما دام العنوان باقیاً ولم یتبدل الى شیء آخر، (کالخنزیر و الکلب و الدم).

أما المتنجّس: فهو الشیء الطاهر بالذات المتنجّس بالعرض (کالید یصیبها الدم). و للإثنین مشترکات فی الأحکام الشرعیة کما لهما فوارق.

فمثلاً لو تنجّست الید الیمنى بالبول ثم لاقت الید الیسرى برطوبة جدیدة، فهذه الملاقاة تؤدی إلى نجاسة الید الیسرى و إذا لاقت الید الیسرى بعد جفافها لباساً رطباً، یتنجّس هذا اللباس أیضاً. لکن لو لاقى هذا اللباس شیئاً آخر برطوبة لا یحکم على الشیء الأخیر بالتنجس و التنجیس.

الجواب التفصيلي

تعریف النجس و المتنجس:

النجس: ما کانت نجاسته بالذات (أی ذاته نجسه) بحیث لا یمکن زوالها بحال من الاحوال ما دام العنوان باقیاً ولم یتبدل الى شیء آخر، مثل (الکلب و الخنزیر و البول و الدم)،  لذا قیل: ما بالذات لا یتغیّر، أما المتنجّس فطاهر بالذات، متنجّس بالعرض، کالید یصیبها الدم أو البول.[1]

و لا شک فی أن بین المتنجّس و عین النجاسة فوارق من حیث الأحکام الشرعیة، کما أن بینهما إشتراکاً ما. فالمتنجّس کعین النجاسة منجس إجمالاً.[2] لکنهما مختلفان من جهات. و بعبارة أخرى، لا یمکن تطبیق کل أحکام عین النجاسة على المتنجّس فقد یختلفان فی الأحکام الشرعیة أحیاناً. فعلى سبیل المثال لو تنجّست الید الیمنى بالبول ثم لاقت الید الیسرى برطوبة جدیدة، فهذه الملاقاة تؤدی إلى نجاسة الید الیسرى، و إذا لاقت الید الیسرى بعد جفافها لباساً رطباً، یتنجس هذا اللباس أیضاً، لکن لو لاقى هذا اللباس شیئاً آخر برطوبة لا یحکم على الشیء الأخیر بالتنجس و التنجیس.[3]

و بالطبع لدینا نوعا من المتنجّس الحامل لأوصاف النجاسة، أحدهما ما فیه بعض أجزاء النجاسة و الآخر ما فیه أوصاف النجاسة کالرائحة فقط. النوع الأول لا شک فی کونه من المتنجّسات أما الثانی ففیه إشکال.[4]

الأقوال فی عین النجاسة و المتنجّس:

ذهب مشهور الفقهاء القریب من الإجماع[5] الى أن المتنجس (الملاقی لعین النجاسة) کالنجس فلو لاقى شیئاً و فی أحدهما رطوبة مسریة (ناقلة للنجاسة) یتنجس هذا الشیء. و هناک قول مخالف ینسب للمحدث الکاشانی.[6]

فعن المحدث الکاشانی أن قال: لا تتعدى النجاسة من المتنجّس إلى شیء قبل تطهیره و إن کان رطباً إذا أزیل عنه عین النجاسة بالمسّح و نحوه، و إنما المنجس للشیء عین النجاسة لا غیر.[7]

إذن، فحکم عین النجاسة یختلف عن حکم المتنجّس من جهات، فلو تجاوزنا مخالفة عدد قلیل من الفقهاء، یمکن القول بأن مسألة تنجّس الأشیاء بملاقاتها بالمتنجّس لا یتجاوز الواسطة الثانیة[8] على أقل التقاریر، تعتبر من المسائل المتفق علیها عند الفقهاء و المجتهدین.

الموضوع ذات الصلة:

السؤال 6880 (الموقع: 6968) (الواسطة فی النجاسة).

 


[1] مغنیة، محمد جواد، فقه الإمام الصادق، ج 1، ص 41، مؤسسة أنصاریان، قم، 1421.

[2] البیار جمندی، یوسف، مدارک العروة، ج 2، ص 190، طباعة النعمان، النجف الأشرف، بی تا.

[3] توضیح المسائل (المحشّى للإمام الخمینی)، ج 1، ص 88، أستعانة بالسؤال 3592 (الموقع: 3945).

[4] راجع: مدارک العروة (للبیار جمندی)، ج 1، ص 201، الإشکال الموجود فی هذا القسم هو أن ظهور بعض آثار النجاسة، لا یؤدی النجاسة، فلو تغیّرت رائحة الماء بمجاورته للنجاسة لا ینجس. راجع: توضیح المسائل (المجشّى للإمام الخمینی)، ج 1، ص 51، یقول مراجع التقلید: "لو تغیّر لون الماء أو طعمه أو رائحته بمجاورته بعین النجاسة کالدم أو البول ینجس و لو کان کراً أو جاریاً. لکن لو تغیر لونه أو طعمه أو رائحته بالنجاسة الخارجیة کوجود المیتة إلى جنبه ـ لا ینجس.".

[5]  لقد أدّعى جمع من العلماء الإجماع على هذه المسألة کامحقق الحلی فی کتاب المعتبر و الفاضل الهندی فی کشف اللثام و الوحید البهبهانی و العلامة بحر العلوم و المحدث البحرانی و المحقق القمی و صاحب الجواهر و الشیخ الأنصاری و عدّها البعض من ضروریات المذهب. أنظر: الطباطبایی، محسن، مستمسک العروة الوثقى، ج 1، ص 479، مؤسسة دار التفسیر، قم، 1416.

[6] "و لم ینسب الخلاف صریحاً إلا إلى المحدث الکاشانی فی مفاتیحه، و استظهر ذلک من الحلی فی محکی السرائر، و کذا عن السید المرتضى "قده"."

[7] البحرانی، یوسف بن أحمد، الحدائق الناظرة فی أحکام العترة الطاهرة، ج 2، ص 11، مکتب النشر الإسلامی التابع لجامعة مدرسی الحوزة العلمیة فی قم، قم، 1405، الفیض الکاشانی، محمد محسن، الوافی، ج 6، ص 149، نشر مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علی (ع)، اصفهان، 1406.

[8] و ذهب السید الامام الخمینی (ره) الى کون الواسطة الثالثة منجسة أیضاً، حیث قال: المتنجّس منجّس مع قلة الواسطة کالاثنتین و الثلاث، و فیما زادت على الأحوط، و إن کان الأقرب مع کثرتها عدم التنجیس. (انظر: تحریر الوسیلة، ج‏1، ص: 123).

 

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هو الادلة التی تثبت صدور حدیث الغدیر؟
    6882 الکلام القدیم 2009/02/03
    واقعة الغدیر من الوقائع المعروفة التی اعلن فیها النبی الاکرم (ص) تنصیب الامام علی (ع) للخلافة بعد رسول الله (ص)، و لقد کان الحدث بمقدار من العظمة حتى انه رواه مائة و عشرة من الصحابة. لکن هذا لا یعنی انحصار الناقلین ممن کان مع الرسول فی تلک القضیة بهذا العدد، ...
  • ما هو رأی الإسلام بخصوص وجود کائنات حیة على الکواکب الأخرى؟
    10341 التفسیر 2008/05/18
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • أرجوا ان تبینوا لی شیئاً مما یتعلق بمسجد جمکران و سبب بنائه.
    8217 تاريخ کلام 2008/07/27
    مسجد جمکران هو أحد الأمکنة المقدسة و المنتسبة إلی صاحب الزمان (عج)، و تأسیس هذا المسجد قبل اکثر من ألف عام بأمر من الامام (عج) فی الیقظة (لا فی المنام)، اما ما یختص بسبب البناء فیمکننا الاشارة الی الموارد التالیة:اولاً: ان للمجسد مقاماً خاصاً فی الثقافة الاسلامیة، فان القیمة ...
  • لماذا أجاب القرآن عن السؤال فیما یخص الأنفال عن ملکیتها؟
    5575 التفسیر 2010/07/15
    مع ملاحظة القرائن و الشواهد و دراسة التفاسیر لدى السنة و الشیعة یمکن الوصول الى نتجة مؤداها أن ماهیة (الأنفال) کانت معروفة قبل نزول الآیة، بل قبل ظهور الإسلام، و لذلک لا معنى للسؤال عنها، و إن السؤال عنها الوارد فی أول سورة الأنفال إنما هو عن ...
  • عدم نجاسة کل من المذی و الوذی و الودی
    8506 الحقوق والاحکام 2009/01/03
    هذه الامور الثلاثة: المذی و الوذی و الودی، و الأوّل هو ما یخرج بعد الملاعبة، و الثانی ما یخرج بعد خروج المنیّ، و الثالث ما یخرج بعد خروج البول، کلها طاهرة.نعم اذا اختلط الودی بالبول أو اتصل به فهو نجس من هذه الناحیة.کذلک قال الفقهاء انه اذا استبرأ ...
  • ما المقصود من أن الأئمة لیس لهم استقلال وجودی؟
    5372 الکلام القدیم 2011/06/14
    یأتی هذا البحث فی ذیل الأبحاث الخاصة بمقامات الأئمة (ع) حیث إننا نعتقد على أساس الروایات بمقامات خاصة للأئمة فی علمهم و قدرتهم و ولایتهم و مسائل أخرى ما قد یؤدی إلى توهم البعض باستقلالهم الذی یستلزم الشرک و من هنا تطرح قضیة عدم الاستقلال لرفع ذلک التوهم.
  • لماذا لم یؤلف الإمام کتاباً فی زمن الغیبة من أجل هدایة الناس؟
    7258 الکلام القدیم 2009/05/09
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی. ...
  • لماذا نذكر في الركوع اسم "العظيم" و في السجود اسم "الأعلى"؟
    21555 الکلام القدیم 2012/05/17
    السبب الرئيسي لترديدنا هذين الذكرين و هما "سبحان ربّي العظيم و بحمده" و "سبحان ربّي الأعلى و بحمده" في الركوع و السجود، هو الأمر الإلهي، فقد أكدت الروايات على الأمر بهذا الفعل. لكن و مع كونها أمراً إلهياً، من الممكن أن نعثر لها على حكم ما.
  • ما هی منزلة الألفاظ فی الوحی الإلهی؟
    6185 التفسیر 2009/12/01
    لکل شیء أربعة أنحاء من الوجود: الوجود اللفظی و الوجود الکتبی و الوجود الذهنی و الوجود الخارجی. و للوحی أیضاً هذه الأنحاء الأربعة من الوجود، و کمثال علی ذلک نقول حول الوجود الخارجی للقرآن أن هذا القرآن نزل علی النبی عن طریق الوحی بنفس هذه الألفاظ و له ...
  • هل صحیح أن الامام أمیر المؤمنین (ع) خاطب ولده العباس (ع) بقوله: "إنک ذخر لولدی الحسین"؟
    6535 تاريخ بزرگان 2011/10/06
    لاریب أن العباس بن علی (ع) جعل من نفسه وقفاً فی خدمة الاسلام و فی خدمة أخیه الحسین (ع) و تشهد مواقفه العظیمة یوم عاشوراء على مدى الاخلاص الذی کان یتحلى به تجاه أخیه الحسین (ع)، الأمر الذی جعل له منزلة خاصة حتى بین الشهداء و کما شهد بذلک ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281402 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    261503 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130443 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118797 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90293 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62004 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61826 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57938 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53506 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49918 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...