بحث متقدم
الزيارة
5540
محدثة عن: 2011/10/17
خلاصة السؤال
ما هی مکانة الانسان و الانسانیة لدى العارفین؟ و ما هی منزلة الانسان فی عالم الوجود خاصة؟
السؤال
ما هی مکانة الانسان و الانسانیة لدى العارفین؟ و ما هی منزلة الانسان فی عالم الوجود خاصة؟
الجواب الإجمالي

لاریب أن الدراسة العرفانیة للانسان تعد من بین الدراسات الدینیة و المعرفة الالهیة، من أکمل الدراسات و أعمق الابحاث فی هذا الخصوص، فهو یدرس شخصیة الانسان و المکانة و المنزلة التی یحتلها بین سائر مکونات عالم الوجود، کما یدرس السبل التی تأخذ بید الانسان الى الکمال..

فللانسان فی العرفان منزلة و مقام سام بنحو یستطیع من خلال السیر و السلوک الرجوع الى ذلک الاصل الذی صدر منه حتى یصل الى مرحلة الفناء التی لا یرى فیها الا الله تعالى، فیکون حینئذ مظهراً لأسماء و صفات الله تعالى و مرآةً للحق تعالى.

ثم ان الحقیقة الالهیة الجامعة بین تمام افراد الانسان هی کلّی "الانسانیة"؛ و الانسانیة، هی الحقیقة التی لا تتعدد و لا تتکثر بتعدد الافراد.

الجواب التفصيلي

تعد الزاویة العرفانیة من الزوایا و الاتجاهات التی درس الانسان فیها، فقد وقع البحث حول مکانة الانسان فی الاتجاه العرفانی، و لاریب أن الدراسة العرفانیة للانسان تعد من بین الدراسات الدینیة و المعرفة الالهیة، من أکمل الدراسات و أعمق الابحاث فی هذا الخصوص، و أن دور العرفان الربانی فی هذا المجال مهم و فاعل جداً؛ و ذلک لان العرفان یسلک طریق الشهود و العلم الحضوری فی ابحاثه، و من خلال هذه الطریق ینطلق لمطالعة و دراسة الامور و القضایا التی یروم الخوض فیها، و منها دراسة شخصیة الانسان و المکانة و المنزلة التی یحتلها بین سائر مکونات عالم الوجود.

هذا النوع من المعرفة یعنى بمعرفة الانسان بنحو مطلق و الانسان الکامل بنحو خاص بالاضافة الى دراسة السبل الموصلة الى الکمال؛ من هنا، لم یبحث العرفاء مفردة "الانسان" بعنوان کونها موضوعاً عرفانیاً، بل انصب البحث عندهم على معرفة حقیقة الانسان و معناه، و الذی هو اشرف المخلوقات و أفضلها الممثل لعصارة الخلق، و صاحب تلک المنزلة السامة التی نال فیها مقام خلافة الله فی الارض کما أشار القرآن الى تلک الحقیقة بقوله "انی جاعل فی الارض خلیفة".

للانسان فی العرفان منزلة و مقام سام بنحو یستطیع من خلال السیر و السلوک الرجوع الى ذلک الاصل الذی صدر منه حتى یصل الى مرحلة الفناء التی لا یرى فیها الا الله تعالى، فیکون حینئذ مظهراً لأسماء و صفات الله تعالى و مرآةً للحق تعالى؛ وذلک لان الانسان فی الاساس و بالذات کان خلیفة و مظهراً لاسماء الله تعالى؛ کما ورد ذلک فی القرآن الکریم: ( وَ إِذْ قالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَة إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلیفَة... ) [1] و لاریب أن الانسان الکامل المتمثل فی الانبیاء و الائمة الاطهار (ع) هو النموذج البارز و الأتم لاسماء الله و صفاته.

إن مکانة الانسان الکامل فی الکون کمکانة الشذرة (العقیق) فی الخاتم التی ینقش فیها ختم السلطان فیختم بها خزائنه لیمنع الآخرین من التصرف فیها. [2] فالانسان الکامل یمثل واسطة الفیض بین الله تعالى و سائر المخلوقات و مع عدم وجود الانسان الکامل لا تستطیع سائر المخلوقات تلقی الفیض الالهی مباشرة. [3]

الحقیقة الالهیة الجامعة بین تمام افراد الانسان هی کلّی "الانسانیة" [4] ؛ و الانسانیة، هی الحقیقة التی لا تتعدد و لا تتکثر بتعدد الافراد. [5]

بعبارة أخرى، الانسانیة کلی الطبیعی التی تصدق على کل فرد من افراد النوع الانسانی فلا تفاضل بین الافراد من هذه الجهة، و اما طبیعة الانسانیة فلا تتعدد بتعدد الافراد و الاشخاص. [6]

فمن وجهة العرفان و العرفاء لایصل الانسان الى مراتب الانسانیة العالیة، الا اذا تمکن من تحویل کل ما فی القوة الى الفعلیة حتى یتمکن من التحول الى الانسان الکامل. فمن أهمل مکانته الانسانیة و لم یتمکن من السیطرة على نفسه و التحکم بغرائزه، و یخضع لضغوط الاهواء و المیول فیترکها حرة تفعل ما تشاء و لم یروض نفسه و میوله النفسیة ولم یجعلها تابعة لأوامر العقل و الوجدان الصحیح، فلاریب أنه سیبتعد عن ساحل الانسانیة حتى یتسافل الى درجات یتحول فیها الى مرتبة أدنى من الحیوان و یسقط فی الحضیض مبتعداً فی ذلک عن أصله و حقیقته.

إذن، لابد من الالتفات الى کون الانسان متوفراً بالقوّة على جمیع الاستعدادات و الکمالات التی ینبغی له تفعیلها و إخراجها من الفعلیة الى القوّة، و من هنا یکون الانسان معمار نفسه و مصصم مکانته التى یروم الحصول علیها.

ولمعرفة مکانة الانسان و منزلته فی عالم الوجود انظر المواضیع التالیة:

1. «الانسان و الکرامة»، السؤال 1923 (الرقم فی الموقع: 374

2. « کرامة الانسان و مکانته عند الله تعالی»، السؤال 16607 (الرقم فی الموقع: 16383 ) ؛

3. « الانسان و مقام الخلیفة»، السؤال 2058 (الرقم فی الموقع: 2370)؛

4. « الخلافة الالهیة و تغییر مکانة الانسان »، السؤال 3524 (الرقم فی الموقع: 3750) .



[1] البقرة، 30.

[2] حسن زاده آملی، حسن، ممد الهمم در شرح فصوص الحکم، ص 22، نشر: وزار ة الثقافة و الارشاد الاسلامی ، طهران، الطبعة الاولی، 1378 ش.

[4] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 47، مرکز نشر الجامعة، طهران، الطبعة الاولی، 1366 ش .

[5] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 208.

[6] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 208.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

  • هل المجردات المثالية تشغل حيزاً من الفراغ و لها حجم و مكان؟
    9555 الفلسفة الاسلامیة 2012/12/16
    لا يمكن القول بوجود مكان مادي لكل من الصور المثالية و الصور الخيالية و إن كانت ذات ابعاد و اشكال؛ و ذلك لان احكام الاشياء تابعة لظرف تحققها، فان كان ظرف تحققها الخارج، تكون أحكامها خارجية أيضاً، و إن كان ظرف تحققها الذهن، تكون أحكامها ذهنية أيضا؛ ...
  • انا شاب اقیم فی دولة غربیة ارتکبت الخطیئة (الزنا) و انا نادم الآن، فهل اغضبت الله؟ وما هو الحل؟
    6820 علوم القرآن 2007/06/30
    صحیح ان الظروف التی یمر بها الشباب صعبة امام ضغط الغریزة والمغریات التی تجره الى الفاحشة خاصة فی البلدان الغربیة المتحللة، الاّ ان ذلک لایعد مبرراً لیرتکب الاثم ویقع فی الحرام، و ذلک لان الله تعالى اعطاه القدرة على التحکم بغرائزه، ورسم له طریق الفلاح، و لیس الامر کما یصوره ...
  • ما هو التأریخ الدقیق لشهادة الزهراء (س)؟
    6391 تاريخ بزرگان 2011/03/10
    اختلفت کلمة المؤرخین و الباحثین فی تحدید التأریخ الدقیق لشهادة الزهراء (س)؛ فذهب بعضهم الى تحدید المدة باربعین یوما و منهم من اوصلها الى ستة اشهر بعد رحیل النبی الاکرم (ص). و کذلک ورد فی الروایات الصادرة عن أئمة أهل البیت (ع) تأریخان، لکن التأریخ الاکثر اعتبارا ...
  • هل أهتم الاسلام بالقضایا الترفیهیة؟ و ما هو الحد المسموح به؟
    4596 العملیة 2011/12/13
    تصنف الدساتیر الصادرة من الشارع المقدس الى طائفتین: الاول التی تمثل الاصول المسلمة و الثابتة على مر العصور و الاجیال و لا تطالها ید التغییر أبداً و التی یجب على الجمیع امتثالها على مر العصور و فی جمیع البقاع؛ کالتوحید، النبوّة، العدل الالهی، قبح الظلم و وجوب اجتنابه و حسن ...
  • هل یوجد الزمان فی عالم الأرواح؟
    5588 الکلام القدیم 2010/11/09
    الزمان مفهوم عقلی ینتزع من وجود المادیات، کما ینتزع مفهوم الثبات من المجردات، و الروح واحدة من الوجودات المجردة، و لا وجود للزمن فی عالم المجردات، و ذلک لأن الزمن من مختصات عالم الطبیعة. و الجدیر بالذکر أن مصطلح «الدهر» کظرف للموجودات المجردة یقابل «الزمان» کظرف للموجودات ...
  • هل يصح الاعقاق عن ولدين بذبيحة واحدة؟
    4482 گوناگون 2015/05/23
    كلا، بل يعق عن كلّ واحد منها بذبيحة خاصّة،[1] كما ورد في الحديث عن مُحمَّد بن مُسلم قال: وُلدَ لأَبِي جعفر (ع) غلامان جميعاً فأَمر زَيدَ بن عليٍّ أَن يشترِيَ لهُ جَزُورَيْنِ للْعَقِيقَةِ، و كان زمنُ غلاءٍ فاشتَرى لهُ واحدةً و عَسُرَتْ عليه الأُخرى ...
  • هل یمکن ان یکون الاهتمام ببعض الواجبات او المستحبات بدیلاً عن أداء الصلاة؟
    5166 الحقوق والاحکام 2009/01/28
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • لو تتفضلوا بإعطاء طريق حل في سبيل التجنب عن الضحك الكثير خاصة في محرم و صفر.
    7981 العملیة 2012/07/01
    البكاء و الضحك نوعان من الأحاسيس و المشاعر القلبية في وجود الإنسان و كلاهما من علائم سلامة الإنسان و صحته و تعادل مزاجه. و على الإنسان أن يدرّب و يطوّر نفسه و يتعلم آداب الضحك و إظهار السرور حتى يدخل ضحكه و سروره في ضمن فضائله الأخلاقية ...
  • ما هی فلسفة سجدة الشکر فی زیارة عاشوراء؟
    5770 العملیة 2012/02/19
    الشکر من الموضوعات التی أکدت علیها المصادر الدینیة قرآنا و سنة، و قد حظی الشکر باهتمام کبیر فی روایات المعصومین (ع).[1] و الانسان المؤمن الموحد لما کان ینطلق من معرفة حقة و صحیحة لله تعالى و الخلق، من هنا یرى کل ...
  • ما هی حدود عمل العقل فی الإسلام و فی أی موضع یمکن الاستفادة منه و إلى أی حدود؟
    9147 الکلام الجدید 2007/12/09
    العقل هو أغلى و أثمن قوة أودعها الله سبحانه فی وجود الإنسان، و له تقسیمات و مراتب.1- العقل النظری و وظیفته إدراک و معرفة الواقعیات و الحکم علیها.2- العقل العملی و هو القوة التی تضبط و تسیطر على سلوک الإنسان، و بمعنى آخر إن عمله یختص بإدراک ما ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279429 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257214 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128130 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113225 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88984 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59826 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59538 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56849 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49717 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47157 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...