بحث متقدم
الزيارة
5552
محدثة عن: 2011/12/18
خلاصة السؤال
هل یمکن للمرأة التی عندها أعمال حسنة فی صحیفة أعمالها، رجاء عفو ربها و مغفرته مع أنها تقوم ببعض الذنوب، کعدم الحجاب و الرقص أمام غیر المحارم و ...؟
السؤال
بنت تصلّی و تصوم، و تشترک فی رمضان فی الجلسات القرآنیة و فی صلوات الجماعة، و تعقد النذور فی شهر محرم، لکنها تقضی لیالی شهر رمضان –الذی قضت أیامه بالعبادة- فی مجالس العرس بالرقص أمام غیر المحارم مع التزیّن بشدة أمامهم. فهل تُقبل منها أعمالها الحسنة؟ و إذا کان کذلک فهل یمکن للاعمال الحسنة أن یمحی ذنوب الانسان و سیئاته؟ و ما هو مصیره فی الآخرة؟
الجواب الإجمالي

لا یمکن للفرد المؤمن التعامل مع القضایا الدینیة بصورة إنتقائیة یأخذ ما یروق له و یترک البعض الآخر و لا یعتقد به، نعم یوجد فی صحیفة غیر المعصومین و فی مقام العمل دائماً أعمال بعضها صالح و الآخر طالح، فاذا لم تتحول الذنوب الى منهج عام و عادة راسخة و مستمرة و لم تکن مقترنة بطلب العفو والمغفرة فمن الممکن جداً غفرانها و العفو عنها، فان الأمل بالله سبحانه کبیر و أنه عز شأنه یتغاضی عن نواقص الانسان و یجعله ضمن زمرة الصالحین، لکن مع تکرار الذنب و الإصرار علیه لا یمکن للانسان التمادی فی الانحراف تعویلا على عفو الله تعالى لان ذلک قد یدخل فی دائرة الاستخفاف بالأمر الالهی و هو بحد نفسه من اقبح الذنوب. هذا من جهة و من جهة اخرى ان ما ذکرناه متوقف على عودة تلک الفتاة التامة على التعالیم الدینیة و الالتزام بها و الاعراض عن مجالس اللهو و اللعب و التبرج أمام الاجانب سواء فی الاعراس وغیرها.

الجواب التفصيلي

مطالعة بعض الآیات القرآنیة المنیرة یمکنه إیضاح المطلب للأفراد الذین حوت صحیفة أعمالهم الأعمال الصالحة مع الأعمال السیئة. و من هذه الآیات:

1- "أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْکِتَابِ وَ تَکْفُرُونَ بِبَعْض". [i]

2- "وَ یَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَکْفُرُ بِبَعْضٍ وَ یُرِیدُونَ أَن یَتَّخِذُواْ بَینْ‏َ ذَالِکَ سَبِیلا". [ii]

3- "وَ ءَاخَرُونَ اعْترَفُواْ بِذُنُوبهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَالِحًا وَ ءَاخَرَ سَیِّا عَسىَ اللَّهُ أَن یَتُوبَ عَلَیهْمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِیم". [iii]

4- "وَ الَّذِینَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَکَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَ مَن یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ یُصرُِّواْ عَلىَ‏ مَا فَعَلُواْ وَ هُمْ یَعْلَمُون". [iv]

و یمکن من خلال ملاحظة مجموع هذه الآیات المشار إلیها و من باقی المصادر الإسلامیة، الوصول إلی هذه النتیجة و هی إن الإنسان المؤمن لا یمکنه أن یتعامل مع الدین بصورة إنتقائیة، فیقبل بعضه و یصرف النظر عن البعض الآخر، فلا یقبل الله هکذا إیمان، أما فی الجهة المقابلة یوجد أفراد تقبّلوا کل التعالیم الدینیة یشکل کلّی، لکنهم فی مقام العمل ارتکبوا بعض الذنوب أحیاناً بسبب بعض الشروط البیئیة الظروف الموضوعیة و الوساوس الشیطانیة، لکن سعیهم دائماً قائم علی إنهم یمکنهم النجاة من مستنقع الذنوب بذکر الله عزّ و جل و طلب العون منه، و لم یصدر الذنب منهم عن قصد و اصرار وانما حدث عن غفلة او جهل او ما شابه ذلک، و لم یتحول إلی عادة راسخة و حالة مستمرة و لم یصل إلی حد یخدش باإیمانهم القلبی.

فیمکن لهؤلاء الأفراد الرجاء بعفو الله و مغفرته و حتی یُمکنهم أن یأملوا إبدال سیئاتهم إلی حسنات فی صحیفة أعمالهم فضلاً عن أمل غفران الذنوب، و هذه لیست فقط أمنیة بل هی صریح القرآن الکریم. [v] و علی کل حال، فلا یمکن القضاء بشکل متساوٍ فیما یخص هؤلاء الافراد المؤمنین الذین سیتحقون الجزاء و الثواب معاً –حیث نجد کل الناس الا المعصومین (ع) فی صراع مع هذه المسألة باختلاف فی الشدة و الضعف- و الله عزّ و جل وحده هو الحاکم و صاحب کلمة الفصل فی الآخرة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الأعمال الحسنة و السیئة منهم و أیّهما کان أکثر تأثیراً فی حیاتهم.

علما ان المصر علی الذنب لا یمکنه التماد ی فی الانحراف تعویلا على عفو الله تعالى لان ذلک قد یدخل فی دائرة الاستخفاف بالأمر الالهی و هو بحد نفسه من اقبح الذنوب. هذا من جهة و من جهة اخرى ان ما ذکرناه متوقف على العودة التامة على التعالیم الدینیة و الالتزام بها و الاعراض عن مجالس اللهو و اللعب و التبرج أمام الاجانب سواء فی الاعراس وغیرها.

 

المواضیع المرتبطة:

الرجاء برحمة الله، السؤال 8813 (الموقع: 8795).

مراتب و درجات الذنوب، السؤال 3788  (الموقع: 4027).

طمس الذنوب الکبیرة، السؤال 2801 (الموقع: 12550).



[i]     البقرة، 85.

[ii]    النساء، 150.

[iii]    التوبة، 102.

[iv]    آل عمران، 135.

[v]    الفرقان، 7 "إِلَّا مَن تَابَ وَ ءَامَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئکَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَ کاَنَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِیمًا".

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هو الادلة التی تثبت صدور حدیث الغدیر؟
    6882 الکلام القدیم 2009/02/03
    واقعة الغدیر من الوقائع المعروفة التی اعلن فیها النبی الاکرم (ص) تنصیب الامام علی (ع) للخلافة بعد رسول الله (ص)، و لقد کان الحدث بمقدار من العظمة حتى انه رواه مائة و عشرة من الصحابة. لکن هذا لا یعنی انحصار الناقلین ممن کان مع الرسول فی تلک القضیة بهذا العدد، ...
  • ما هو رأی الإسلام بخصوص وجود کائنات حیة على الکواکب الأخرى؟
    10341 التفسیر 2008/05/18
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • أرجوا ان تبینوا لی شیئاً مما یتعلق بمسجد جمکران و سبب بنائه.
    8217 تاريخ کلام 2008/07/27
    مسجد جمکران هو أحد الأمکنة المقدسة و المنتسبة إلی صاحب الزمان (عج)، و تأسیس هذا المسجد قبل اکثر من ألف عام بأمر من الامام (عج) فی الیقظة (لا فی المنام)، اما ما یختص بسبب البناء فیمکننا الاشارة الی الموارد التالیة:اولاً: ان للمجسد مقاماً خاصاً فی الثقافة الاسلامیة، فان القیمة ...
  • لماذا أجاب القرآن عن السؤال فیما یخص الأنفال عن ملکیتها؟
    5575 التفسیر 2010/07/15
    مع ملاحظة القرائن و الشواهد و دراسة التفاسیر لدى السنة و الشیعة یمکن الوصول الى نتجة مؤداها أن ماهیة (الأنفال) کانت معروفة قبل نزول الآیة، بل قبل ظهور الإسلام، و لذلک لا معنى للسؤال عنها، و إن السؤال عنها الوارد فی أول سورة الأنفال إنما هو عن ...
  • عدم نجاسة کل من المذی و الوذی و الودی
    8506 الحقوق والاحکام 2009/01/03
    هذه الامور الثلاثة: المذی و الوذی و الودی، و الأوّل هو ما یخرج بعد الملاعبة، و الثانی ما یخرج بعد خروج المنیّ، و الثالث ما یخرج بعد خروج البول، کلها طاهرة.نعم اذا اختلط الودی بالبول أو اتصل به فهو نجس من هذه الناحیة.کذلک قال الفقهاء انه اذا استبرأ ...
  • ما المقصود من أن الأئمة لیس لهم استقلال وجودی؟
    5372 الکلام القدیم 2011/06/14
    یأتی هذا البحث فی ذیل الأبحاث الخاصة بمقامات الأئمة (ع) حیث إننا نعتقد على أساس الروایات بمقامات خاصة للأئمة فی علمهم و قدرتهم و ولایتهم و مسائل أخرى ما قد یؤدی إلى توهم البعض باستقلالهم الذی یستلزم الشرک و من هنا تطرح قضیة عدم الاستقلال لرفع ذلک التوهم.
  • لماذا لم یؤلف الإمام کتاباً فی زمن الغیبة من أجل هدایة الناس؟
    7258 الکلام القدیم 2009/05/09
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی. ...
  • لماذا نذكر في الركوع اسم "العظيم" و في السجود اسم "الأعلى"؟
    21555 الکلام القدیم 2012/05/17
    السبب الرئيسي لترديدنا هذين الذكرين و هما "سبحان ربّي العظيم و بحمده" و "سبحان ربّي الأعلى و بحمده" في الركوع و السجود، هو الأمر الإلهي، فقد أكدت الروايات على الأمر بهذا الفعل. لكن و مع كونها أمراً إلهياً، من الممكن أن نعثر لها على حكم ما.
  • ما هی منزلة الألفاظ فی الوحی الإلهی؟
    6185 التفسیر 2009/12/01
    لکل شیء أربعة أنحاء من الوجود: الوجود اللفظی و الوجود الکتبی و الوجود الذهنی و الوجود الخارجی. و للوحی أیضاً هذه الأنحاء الأربعة من الوجود، و کمثال علی ذلک نقول حول الوجود الخارجی للقرآن أن هذا القرآن نزل علی النبی عن طریق الوحی بنفس هذه الألفاظ و له ...
  • هل صحیح أن الامام أمیر المؤمنین (ع) خاطب ولده العباس (ع) بقوله: "إنک ذخر لولدی الحسین"؟
    6535 تاريخ بزرگان 2011/10/06
    لاریب أن العباس بن علی (ع) جعل من نفسه وقفاً فی خدمة الاسلام و فی خدمة أخیه الحسین (ع) و تشهد مواقفه العظیمة یوم عاشوراء على مدى الاخلاص الذی کان یتحلى به تجاه أخیه الحسین (ع)، الأمر الذی جعل له منزلة خاصة حتى بین الشهداء و کما شهد بذلک ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281402 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    261503 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130443 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118797 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90293 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62004 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61826 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57938 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53506 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49918 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...