Please Wait
6150
لم تمنع الشریعة السماویة الانسانَ من احتراف حرفة أخرى أو الاشتغال فی اکثر من شغل یومیا، و انما الذی وقع موضوعا للذم و التحذیر منه فی الدین الاسلامی و الشریعة المقدسة هو حب الدنیا و التعلق بها، و الابتعاد عن العوامل المعنویة و الروحیة و نسیان الآخرة و الغفلة عنها، و هذا الأمر قد یتحقق حتى مع احتراف مهنة واحدة شغل واحد، بل مع عائد قلیل من الربح الذی یجنیه الانسان، و فی المقابل نجد بعض الناس ممن یحترف اکثر من مهنة و یجنی منها ارباحاً طائلة و لکن لا یمنعه ذلک من ذکر الآخرة و الاهتمام بالجانب الروحی و المعنوی و لا تراه متعلقا بالدنیا مع اقبالها علیه.
و هنا یمکن القول أیضا: قد یلزم بل یجب الشغل الثانی على الانسان و ذلک اذا لم یوفر الشغل الاول له و لعیاله حیاة کریمة و یجعلهم یعیشون فی العسر و الحرج.
نعم، الاشتغال باکثر من وظیفة رسمیة فی الدولة یعد مخالفة قانونیة. کذلک اذا کان الشغل الثانی سببا فی عدم انجازه لشغله الاول على الوجه الاکمل بحیث یقصر فی أداء الوظیفة الموکلة الیه، هنا ایضا یشکل الشغل الثانی. کذلک اذا کان العمل الشفت الثانی اللیلی یؤدی الى التقصیر فی تربیة الاطفال و اعدادهم و الغفلة عن مسؤولیاته العائلیة و...؛ بمعنى ان الانسان یغفل عند انشغاله بالشفت الثانی عن کثیر من الامور المهمة و من الطبیعی أن المردودات السلبیة لهذا العمل خطیرة جدا من الصعب جبرانها، فعلى الانسان یعیش حالة التوازن بین حیاته المادیة و المعنویة و اهتماماته الاسریة فلا یفرط فی احدها على حساب الثانی، روی عن الامام الحسین (ع) أنه قال: " سألت أبی عن مدخل رسول اللّه (ص)، فقال: کان دخوله فی نفسه مأذونا فی ذلک، فاذا آوى إلى منزله جزّى دخوله ثلاثة أجزاء: جزءاً للّه و جزءاً لأهله و جزءاً لنفسه...".[1]
[1] العلامة الطباطبائی، سنن النبی (ص)، ج1، ص: 15، 19،المکتبة الاسلامیة، طهران، الطبعة السابعة، 1378ش؛ و انظر: معانیالأخبار ص : 79 ، باب معانی ألفاظ وردت فی صفة النبی (ص).