بحث متقدم
الزيارة
8282
محدثة عن: 2011/04/06
خلاصة السؤال
ما المراد من لقب البتول و أم ابیها اللذین یطلقان على السیدة فاطمة الزهراء (س)؟
السؤال
ما المراد من لقب البتول و أم ابیها اللذین یطلقان على السیدة فاطمة الزهراء (س)؟ و هل البتول یعنی المرأة التی لا ترى دم الحیض؟ و هل ذلک ینافی الکمال؟ علما ان ذلک لا یعد فی ذلک الوقت من الامور المنافیة لعادة الناس و رسومهم.
الجواب الإجمالي

أم ابیها من الالقاب التی اطلقها الرسول الاکرم (ص) على ابنته الزهراء (س) لما قامت به من سد الفراغ العاطفی و قیل لانها تمثل الهدف و المقصد النهائی و الثمرة الاصلیة لحیاة الرسول الاعظم (ص). و اما البَتُول‏ من النساء فهی المنقطعة عن الرجال لا أَرَبَ لها فیهم‏. و قیل إنما سمیت بالبتول لا نقطاعها عن نساء زمانها، وعن نساء الامة، فضلا و دینا، و حسبا و عفافا، و فی بعض المصادر لقبت الزهراء و مریم بالبتول لفضلهن دینا و حسبا.و قیل ایضا البتول التی لا تحیض و لا تطمث، و قد سئل رسول الله (ص ) ما البتول؟ فقال (ص): البتول، التى لم ترحمره قط، أی لم تحض.

اما القول بان الخاصیة المخالفة للمتعارف لا تعد قیمة! فیرد علیه لیس الامر مطردا دائما، بل فی کثیر من الاحیان یعد وجود الخصائص المخالفة للمتعارف و الخارقة للعادة من القیم الکبرى. فهذا النبی عیسى (ع) یصدح و هو ما زال فی المهد صبیا بقوله: " إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْکِتابَ وَ جَعَلَنی‏ نَبِیًّا وَ جَعَلَنی‏ مُبارَکاً أَیْنَ ما کُنْتُ وَ أَوْصانی‏ بِالصَّلاةِ وَ الزَّکاةِ ما دُمْتُ حَیًّا وَ بَرَّا بِوَالِدَتىِ وَ لَمْ یجَْعَلْنىِ جَبَّارًا شَقِیًّا وَ السَّلَامُ عَلىَ‏َّ یَوْمَ وُلِدتُّ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا".

و لاریب ان التکلم فی المهد یعد من الامور المخالفة للعادة و المتعارف لکنه فی الوقت نفسه یعتبر من المعجزات الکبرى للنبی عیسى (ع) حیث استطاع ان یبرأ أمه العذراء من الاتهام و سوء الظن بها.

و صحیح انه قد یعد عدم الحیض و الطمث بالنسبة الى سائر النساء عاهة و مرضا جسمیا. لکن مع الاخذ بنظر الاعتبار القدرة الالهیة العظیمة و الحکمة الربانیة المتعالیة یمکن اعتبار ذلک بالنسبة الى بعض النساء کالزهراء و مریم (س) من الممیزات و الخصائص الممدوحة فیهم؛و قد ورد فی فی الحدیث عن النبی الاکرم (ص): "إن الحیض مکروه فی بنات الأنبیاء".

الجواب التفصيلي

من الالقاب التی اطلقت على فاطمة الزهراء (س) لقب أم ابیها و البتول.

اما لقب "أم ابیها" فهو من الالقاب التی اطلقها الرسول الاکرم (ص) على ابنته. و ذلک لان النبی الاکرم (ص) عاش الیتم فی طفولته حیث فقد أمه و هو فی السنین الاولى من عمره الشریف، کما انه عاش حیاة صعبة حتى بعد ان تزوج من السیدة خدیجة حیث واجه اعتى الطغاة و المشرکین، و لما کانت الزهراء (س) مع صغر سنها تدور حوله کالفراش حول المصباح و کانت ترفع عنه الحزن و الآلام التی تواجهه (ص) و کانت تتحرق علیه ألماً، من هنا اطلق علیها (ص) لقب: أم ابیها.

و قد نقل الفریقان هذا و ذهبوا الى توجیهه بوجوه منها ما ذکرناه. و هناک توجیه آخر لعله هو الافضل: بما ان "الام" فی اللغة تعنی المقصود و الهدف، و لما کانت الزهراء (س) هی ثمرة النبوة و حاصل عمر النبی الخاتم من هنا اطلق علیها لقب "ام ابیها"، بمعنى انها المقصود و الهدف الحقیقی و الثمرة الاصلیة لحیاة النبی الاکرم (ص).

اما "البتول" فمشتق من مادة "بتل" بمعنى القطع و له معان متعددة منها:

1. البَتُول‏ من النساء: المنقطعة عن الرجال لا أَرَبَ لها فیهم‏.[1]

2. انما سمیت بالبتول لا نقطاعها عن نساء زمانها، و عن نساء الامة، فضلا و دینا، و حسبا و عفافا، و فی بعض المصادر لقبت الزهراء و مریم بالبتول لفضلهن دینا و حسبا.

3.و قیل سمیت البتول لانقطاعها عن الدنیا إلى الله تعالى‏ و کذلک اطلق اللقب على السیدة مریم لهذه الخصوصیة ایضا.[2]

4. البتول التی لا تحیض و لا تطمث، روى الشیخ الصدوق عن أمیر المؤمنین (ع) انه قال: سئل رسول الله (ص ) ما البتول؟ فانا سمعناک یا رسول الله تقول ان مریم بتول و فاطمه بتول، فقال (ص): البتول، التی لم ترحمره قط، أی لم تحض، و ان الحیض مکروه فی بنات الانبیاء.[3]

و کذلک روی عن الامام الباقر (ع) أنه قال: انما سمیت فاطمه بنت محمد ((الطاهرة )) لطهارتها من کل دنس و طهارتها من کل رفث، و ما رأت قط یوما حمرة و لا نفاسا.[4]

لکن هذه الحالة لا تختص بالزهراء (س) بل تشارکها فی ذلک "عدم الحیض" السیدة مریم العذراء طبقا للآیة 42 من سورة آل عمران و الاحادیث الواردة عن الفریقین و التفاسیر التی تعرضت لذکر شأن نزول الآیة المبارکة.[5]

کذلک ورد فی بعض الروایات ان جمیع بنات الانبیاء لایطمثن حیث روی عن النبی الاکرم (ص) انه قال: "إن الحیض مکروه فی بنات الأنبیاء".[6]

اما القول بان الخاصیة المخالفة للمتعارف لا تعد قیمة! فیمکن القول فی رده: لیس الامر مطردا دائما، بل فی کثیر من الاحیان یعد وجود الخصائص المخالفة للمتعارف و الخارقة للعادة من القیم الکبرى. فهذا النبی عیسى (ع) یصدح و هو ما زال فی المهد صبیا بقوله: " إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْکِتابَ وَ جَعَلَنی‏ نَبِیًّا وَ جَعَلَنی‏ مُبارَکاً أَیْنَ ما کُنْتُ وَ أَوْصانی‏ بِالصَّلاةِ وَ الزَّکاةِ ما دُمْتُ حَیًّا وَ بَرَّا بِوَالِدَتىِ وَ لَمْ یجَْعَلْنىِ جَبَّارًا شَقِیًّا وَ السَّلَامُ عَلىَ‏َّ یَوْمَ وُلِدتُّ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا".[7]

و لاریب ان التکلم فی المهد یعد من الامور المخالفة للعادة و المتعارف لکنه فی الوقت نفسه یعتبر من المعجزات الکبرى للنبی عیسى (ع) حیث استطاع ان یبرأ أمه العذراء من الاتهام و سوء الظن بها.

من هنا، نقول: صحیح انه قد یعد عدم الحیض و الطمث بالنسبة الى سائر النساء عاهة و مرضا جسمیا یؤدی الى الکثیر من الضرر. لکن مع الاخذ بنظر الاعتبار القدرة الالهیة العظیمة و الحکمة الربانیة المتعالیة یمکن اعتبار ذلک بالنسبة الى الزهراء و مریم (س) من الممیزات و الخصائص الممدوحة فیهن؛ و ذلک لان سائر النساء یحرمن من اداء الصلاة فی الفترة التی یتعرضن فیها للحیض و یحرمن من دخول المسجد الحرام و مسجد النبی و لا یحق لهن التوقف فی المسجد کما لا یحق لهن مس کلمات القرآن الکریم و.... و قد تنزهت الزهراء (س) من کل ذلک نتیجة اللطف الالهی بها.



[1] الفراهیدی الخلیل بن احمد ،العین ج8،ص124، نشر: انتشارات هجرت‏، قم‏، 1410 ق‏، الطبعة الثانیة.‏

[2] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار ، ج‏43، ص: 15.

[3] علل‏الشرائع، ج 1، ص 181، ح 144.

[4] بحارالأنوار، ج 43، ص 19، ح 20.

[5] الآلوسی، سید محمود، روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم، ج‏2، ص: 32، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الاولی، 1415 ق‏؛ الاندلسی، ابو حیان محمد بن یوسف، البحر المحیط فی التفسیر، ج ‏3، ص 146، دار الفکر، بیروت، 1420 ق‏؛ فخر الدین الرازی، ابوعبدالله محمد بن عمر، مفاتیح الغیب، ج ‏8، ص 218، دار احیاء التراث العربی‏، بیروت، 1420 ق‏؛ المجلسی، محمد باقر، بحارالأنوار، ج 14، ص 193؛ الطباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ترجمة الموسوی الهمدانی، سید محمد باقر، ج ‏3، ص 295، نشر: دفتر النشر التابع لجماعة المدرسین، قم، الطبعة الخامسة‏، 1374 ش‏. و....

[6] الصدوق، علل‏الشرائع،ج 1، ص 181، ح 144، نشر داورى‏.

[7] مریم،30-33.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279360 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256924 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112886 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88920 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59630 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59356 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56813 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49394 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...