Please Wait
11491
يعرف معنى الحديث من خلال معرفة مفرداته و لما كانت اكثر مفردات الحديث واضحة من هنا يسهل شرحه، الا مفردة واحدة في الحديث قد تؤدي الى الابهام و هي مفردة "عامّة" الواردة فيه " صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَام".[1] فقد يتوهم البعض أن "عامة" تعني "كافة" أو "جميع" و بهذا يفسر الحديث بان اصلاح ذات البين أفضل من جميع الصلاة و الصيام!! و لكن هذا التفسير غير صحيح؛ و ذلك لان "عامة" تأتي في موارد متعددة بمعنى "الكثير من"؛ كما في الحديث: " عَامَّةُ رِدَائِهِ مَطْرُوحٌ بِالْأَرْض"؛[2] و "وَ قَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَار"؛[3]
و من هنا يظهر لنا ان المراد من كلام النبي الاكرم (ص) " صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَام" بمعنى أن ثوابه اكثر من ثواب الكثير من الصلاة و الصيام المستحبين. و قد علل ذلك بعض الاعلام بان اصلاح ذات البين عمل حسن و يعود نفعه الى سائر الناس، و أما الصلاة و الصيام المستحبان فيعود نفعهما الى الشخص نفسه فهما قضية شخصية صرفة، و من هنا عند المقارنة تكون الافضلية لذلك العمل الذي يعود نفعة على عامة الناس.[4]
و الجدير بالذكر أن هذه القضية تختلف باختلاف الافراد و كيفية أداء الصلاة و نوع القضية المتنازع فيها، فعلى سبيل المثال هناك بعض الاختلافات الجزئية التي يمكن حلها بلحظات قلائل، و في المقابل هناك منازعات و خلافات عويصة جداً قد تؤدي الى إراقة الدماء أو انفراط عقد الحياة الزوجية و... و يحتمل أن الرواية ناظرة الى هذا الصنف من النزاع و لا تشمل الخلافات الجزئية مع كون ذلك عملا محبذا و يثاب صاحبه انشاء الله تعالى.
لمزيد الاطلاع انظر: الاسلام و اصالة الاصلاح،سؤال 2403 (الموقع: 2876).
[1] نهج البلاغة، ص 421، انتشارات دار الهجرة، قم.
[2] الکلینْ، محمد بن یعقوب، الکافْ، ج 1، ص 361، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.
[3] الشیخ الحر العاملْ، وسائل الشیعة، ج 10، ص 11، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ق.
[4] انظر: البيهقي، قطب الدین محمد بن حسین، حدائق الحدائق، ج 2، ص 507، مؤسسة نهج البلاغة انتشارات عطارد، قم، 1375 ش.