بحث متقدم
الزيارة
7142
محدثة عن: 2013/01/14
خلاصة السؤال
کیف کانت شخصیة أبی الدرداء؟ ما هو رأی أهل البیت (ع) فیه؟ ما موقف مدرسة أهل البیت (ع) من الروایات المرویة عنه؟
السؤال
کیف کانت شخصیة أبی الدرداء؟ ما هو رأی أهل البیت (ع) فیه؟ ما موقف مدرسة أهل البیت (ع) من الروایات المرویة عنه؟
الجواب الإجمالي
«عویمر بن مالک» من أحفاد الخزرج و یدعی غالباً بکنیته (أبی الدرداء)، کان من صحابة النبی الأکرم (ص) . لقد عاش فی المدینة علی إنه أحد أفراد قبیلة الخزرج و بعد هجرة النبی (ص) إلی المدینة بعدة أشهر تشرّف للحضور بین یدیه و أسلم علی یدیه.
کان أبو الدرداء مذعناً و مسلماً لأفضلیة الإمام علی (ع) علی معاویة، و قد ذهب إلی معاویة بمعیة أبی هریرة و دعاه إلی إطاعة الإمام علی (ع) و التسلیم لحکومته، لکن عندما تعلّل معاویة بقتل عثمان و طلب قاتلیه من الإمام علی (ع) أرسل أبا الدرداء و أبی هریرة إلی الإمام علی (ع) لیطلبا منه قتلة عثمان لیُنهی الحرب الضروس بینهما. ففعلا ما أمرهما معاویة، و جاءا إلی الإمام علی (ع) فعنفهما مالک الأشتر بشدّة فانصرفا عن طلب لقاء الإمام (ع) لکنهما عادا فی الیوم الثانی فطلبا ذلک من الإمام علی (ع) فوجهوا بعشرة آلاف شخص کلهم یدّعی قتل عثمان، لذلک کرّوا آیسین و رجعوا إلی أوطانهم فواجههم عبد الرحمن بن عثمان باللوم الشدید. و هذه القصة تصح على فرض القول ببقاء الرجل حیا الى مابعد حرب صفین و اما على القول بان الرجل مات قبل قتل عثمان فلا تصح الروایة.
و علی کل حال، أما عن موقفه بالنسبة لحکومة أمیر المؤمنین (ع) فیمکن القول بأنه کان مصداقاً لکلام الإمام علی (ع) عن بعض الأفراد: "لم ینصروا الحق و لم یخذلا الباطل".
توجد روایات فی المصادر الروائیة السنیّة و الشیعیة یرویها أبو الدرداء عن النبی (ص). یعتقد بعض المؤرّخین بأن موته کان بعد حرب صفّین [i] و یعتقد البعض الآخر بأن أبا الدرداء قد مات قبل موت عثمان بسنتین.
 

[i]  إبن حجر، أحمد بن علی بن حجر العسقلانی، الإصابة فی تمییز الصحابة، ج 4، ص 622، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1415 ق.
 
الجواب التفصيلي
«عویمر بن مالک» من أحفاد الخزرج [1] کان من صحابة النبی الأکرم (ص) یدعی غالباً بکنیته (أبی الدرداء) [2]. لقد عاش فی المدینة علی أنه أحد أفراد قبیلة الخزرج. أما عن دخوله الإسلام، یروی أن أخاه فی الإسلام و الجاهلیة جاءه یوماً فاستعاذ بالله من الصنم و بدأ بضربه و تحطیمه قائلاً:
"تبرّی من أسماء الشیاطین کلها  ألا کل ما یدعی مع الله باطل"
و جاء أبو الدرداء فأخبرته إمرأته بما صنع عبد الله، تفکّر فی نفسه فقال: لو کان عند هذا خیر لدفع عن نفسه فانطلق حتی أتی رسول الله (ص) مع عبد الله بن رواحة فأسلم.[3] و لم یکن إسلام أبی الدرداء فی الأشهر الأولی من هجرة النبی (ص) إلی المدینة بل بعد مضی عدة أشهر من ذلک. و کان تأخیر إسلامه بحیث إن بعض المؤرّخین ذکر حضوره فی معرکة الخندق و ما بعدها و قالوا بأنه لم یکن مسلماً قبلها.[4]
و روی بعضهم أن أبا الدرداء شهد اُحداً و إن رسول الله (ص) نظر إلیه یومئذٍ و الناس منهزمون فی کل وجه فقال: "نعم الفارس عویمر غیر أفه –یعنی غیر ثقیل-".[5]
لقد روی أهل السنة إضافة إلی هذه الروایة روایات أخری عن النبی (ص) فی مدحه فینسبون له (ص) إنه قال عن أبی الدرداء: بأنه حکیم الأمة.[6] و یُروی أیضاً بأن رسول الله (ص) قد آخی بین سلمان و أبی الدرداء.[7] و سکن أبو الدرداء الشام و سکن سلمان العراق فکتب أبو الدرداء إلی سلمان "سلام علیک أما بعد فإن الله رزقنی بعدک مالاً و ولداً و نزلت الأرض المقدسة" فکتب إلیه سلمان: "سلام علیکم أما بعد فإنک کتبت إلیّ ان الله رزقک مالاً و ولداً فاعلم أن الخیر لیس بکثرة المال و الولد و لکن الخیر أن یکثر حلمک و أن ینفعک علمک".[8]
لقد عاش أبو الدرداء إلی عصر الخلیفة الثانی فی المدینة حتی أرسله بمهمة فخرج من المدینة إلی الشام حیث ولّاه عمر علی أمر القضاء و الصلاة فی الشام.[9] فعندما استُعمل أبو الدرداء علی القضاء أصبح الناس یقدمون له التهانی فقال: "أتهنئونی بالقضاء و قد جُعلت علی رأس مهواة مزلتها أبعد من عدن أبین،[10] و لو علم الناس ما فی القضاء لأخذوه بالدّول رغبة عنه و کراهیة له و لو یعلم الناس ما فی الأذان لأخذوه بالدول رغبة فیه و حرصاً علیه".[11]
کان أبو الدرداء مذعناً و مسلماً لأفضلیة الإمام علی (ع) علی معاویة، و قد ذهب إلی معاویة بمعیة أبی هریرة و دعاه إلی إطاعة الإمام علی (ع) و التسلیم لحکومته، لکن عندما تعلّل معاویة بقتل عثمان و طلب قاتلیه من الإمام علی (ع) أرسل أبا الدرداء و أبی هریرة إلی الإمام علی (ع) لیطلبا منه قتلة عثمان لیُنهی الحرب الضروس بینهما. ففعلا ما أمرهما معاویة، و جاءا إلی الإمام علی (ع) فعنفهما مالک الأشتر بشدّة فانصرفا عن طلب لقاء الإمام (ع) لکنهما عادا فی الیوم الثانی فطلبا ذلک من الإمام علی (ع) فوجهوا بعشرة آلاف شخص کلهم یدّعی قتل عثمان، لذلک کرّوا آیسین و رجعوا إلی أوطانهم فواجههم عبد الرحمن بن عثمان باللوم الشدید.[12]
من الطبیعی لا یمکن قبول هذه القصة إلّا إذا أخذنا بالقول بأن موت أبی الدرداء کان بعد حرب صفّین، أما علی رأی بعض المؤرّخین بأن موته کان قبل حکومة أمیر المؤمنین (ع) فلا یمکن قبولها.
علی کل حال، أما عن موقفه بالنسبة لحکومة أمیر المؤمنین (ع) فیمکن القول بأنه کان مصداقاً لکلام الإمام علی (ع) عن بعض الأفراد: "لم ینصروا الحق و لم یخذلا الباطل". [13] یُعرف أبو الدرداء بین أهل السنة بأنه أحد صحابة النبی (ص) الکبار، و یجلّونه کثیراً، و یروون عنه روایات عدیدة.
کما توجد روایات قلیلة تنقل عنه فی المصادر الروائیة الشیعیة، من قبیل ما نقله الشیخ الطوسی عنه فی کتاب "الخلاف" من الفتاوی و الروایات.[14]
أختلف المحقّقون فی موت أبی الدرداء، فاعتقد بعض المؤرّخین بأن موته کان بعد معرکة صفین [15] و اعتقد آخرون بأنه مات قبل موت عثمان بسنتین.[16]
 

[1]  عویمر بن مالک بن زید بن قیس بن امیة بن عامر بن عدیّ بن کعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
[2]  الهاشمی البصری، محمد بن سعد بن منیع، الطبقات الکبری، ج 7، ص 274، عبد القادر عطا، محمد، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1410/1990؛ الحسینی، التفرشی، السید مصطفی، نقد الرجال، مؤسسة آل البیت (ع)، قم، الطبعة الأولی، 1418 ق.
[3]  الطبقات الکبری، ج 7، ص 391.
[4]  أبو عمر یوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، الاستیعاب فی معرفة الأصحاب، ج 3، ص 1228، دار الجیل، بیروت، 1412/1992.
[5]  الطبقات الکبری، ج 7، ص 391-392.
[6]  أسد الغابة، ج 5، ص 97.
[7]  نفس المصدر، ج 2، ص 331.
[8]  نفس المصدر، ج 2، ص 331.
[9]  البلاذری، أحمد بن یحیی، فتوح البلدان، ص 204، المترجم: توکل، محمد، طهران، نشر نقرة، 1337 ش، و راجعوا: الطبقات الکبری، ج 7، ص 275.
[10]  من مدن بلاد الیمن المشهورة.
[11]  الطبقات الکبری، ج 7، ص 392.
[12]  إبن قتیبة الدینوری، أبو محمد عبد الله بن مسلم، الإمامة و السیاسة المعروف بتاریخ الخلفاء، ج 1، ص 128، تحقیق: شیری، علی، بیروت، دار الأضواء، 1410 ق.
[13]  نهج البلاغة، السید الرضی، صبحی صالح، ص 521، إنتشارات دار الهجرة، قم، 1395 ق.
[14]  الشیخ الطوسی، الخلاف، ج 1، ص 376، ص 380، ج 2، ص 168، نشر جامعة المدرسین، قم، الطبعة الأولی، 1407 ق.
[15]  إبن حجر العسقلانی، أحمد بن علی، الإصابة فی تمییز الصحابة، ج 4، ص 622، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1415 ق.
[16]  أسد الغابة، ج 4، ص 20.
 
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279312 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256751 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128014 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112657 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88886 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59526 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59317 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56788 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49250 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47092 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...