بحث متقدم
الزيارة
3003
محدثة عن: 2015/10/28
خلاصة السؤال
هل أن القرآن ینصح بالعنف في مواجهة الكفار؟!
السؤال
أرجو إيضاحاً وافياً للآية 4 من سورة محمد وهل یجب علینا أن نعامل الكفار بهذا الشكل؟!
الجواب الإجمالي

يقول الله تعالی في كيفية مواجهة الأعداء (التكتيكات العسكرية) في ساحات القتال: «فَإِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَ الَّذينَ قُتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُم»‏.[1] نعم هذه هي الخطة.

من الواضح أنه في خضم المعركة، لا يوجد شيء سوى القتال والقتل. ولن يكون من الحكمة ان نظن أن هناک مدرسة تنصح بتجنب أي ضرر للعدو في ذروة المعركة!

ومعنى الآية هو أنه إذا أصر أعداء الله على الكفر والعداوة، ودارت معركة بينكم وبينهم، فلا تكونوا رحماء ومشفقین في خضم المعركة اکثر من اللازم، بل قاتلوهم حتى يستسلموا لكم.

لذلك فإن المقصود من "اللقاء" في عبارة «فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ»، هو مواجهة الكفار في ساحة المعركة. وإذا  قال «ضرب الرقاب» یعنی اضربوا أعناقهم؛ لأن أسهل وأسرع طریقة لقتل العدو في ذلك الوقت كانت ضرب أعناقهم.

«حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ»، إن کلمة الاثخان بمعنی اکثار القتل فی العدو، والغلبة والسیطرة علیهم. ولذلک یقال: «اثخنه المرض»، یعنی اشتد مرضه علیه و «اثخنته الجراح» یعنی اشدت وکثرت جروحه العمیقة.[2]

«الوَثاق» بفتح الواو، و کذلک«الوِثاق» بكسر الواو، كلاهما اسمان لما یشد ویربط به الشیء.[3]

وبكلمة "حتى" يتضح أن معنى هذا الجزء من الآية هو  أن حاربوا الكفار حتى تكثر قتلاهم لدرجة أن یتغیر توازن المعركة لصالحكم، وبعد ذلك تأسروا الأعداء وتشدوا ایدیهم وارجلهم بإحكام. لذلك، فإن معنى «شد الوثاق» هو أسرهم وربطهم وشدهم بإحكام.

ینبغی أن یقال، إذا كان الله قد جعل في هذه الآية الأسر بعد "الاثخان"، فان ذلک في الواقع لاجل تبیین معنى الآية، «ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى‏ حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ».[4]

تحدد هذه العبارة من الآیة الکریمة «فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً»، مصير الأسارى بعد انتهاء المعركة وتعلن أنه بعد القبض عليهم إما أن تمنوا علیهم وتطلقوا سراحهم دون قيد أو شرط أو تُطلقوا سراحهم مقابل عوض؛ أي، تطلقوا سراحهم مقابل مال أو مقابل تحرير أسراکم الذین عندهم.

«حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها»، «اوزار الحرب» يعني أعباء الحرب، أی الأسلحة التي يحملها والمقصود من وضعها علی الارض کنایة عن انتهاء الحرب.[5]

التفسير الآخر هو أن المراد من ذلک(تضع الحرب) بيان لانتهاء ضرب الرّقاب وشدّ الوثاق يعنى انّ ضرب الرّقاب وأسر الرّجال ليس الّا ما دامت الحرب قائمة فاذا انقضت الحرب فلا تتعرّضوا لهم‏. [6] 

علی ای حال، ان هذا الحكم ينطبق على ساحة المعركة. لأن کلمة «لقيتم» من مادة «اللقاء» في مثل هذه الحالات تعني الحرب. وفي نفس هذه الآية شواهد وقرائن عدیدة على هذا المعنى؛ مثل «حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها»، فإن الأسر والاستشهاد في سبيل الله، الوارد في ذیل الآية، شاهد و دلیل على هذا المعنى.

من البدیهی، أن الإنسان عندما يواجه عدوه في ساحة المعركة، إذا لم يکبده ضربات شدیدة وقاسیة وحاسمة بأكبر قدر ممكن من القوة، سیتم هلاکه، وهذا أمر منطقي تمامًا. إذن، لو أن مدرسة اقترحت أسهل الطرق لقتل الاعداء، وبعد الانتصار النسبي، أوصت بوقف القتل ثم أسر الأعداء حتى يمكن إطلاق سراحهم لاحقًا بعوض أو بغیر عوض، فسيعتبر اقتراحها إنسانيًا تمامًا.[7]

 

 


[1]. محمد، 4.

[2]. الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، مقدمه، البلاغي‏، محمد جواد، ج ‏9، ص 147، طهران، ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1372ش.

[3]. الراغب الأصفهانی، الحسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، تحقیق، الداودي، صفوان عدنان، ص 853، دمشق، بیروت، دارالقلم‏، الدار الشامیة، الطبعة الاولی، 1412ق.

[4]. انفال، 67.

[5]. الطباطبائي، السید محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، ج ‏18، ص 224- 225، قم، مکتب النشر الاسلامی، الطبعة الخامسة، 1417ق..

[6]. الگنابادي، سلطان محمد، تفسیر بیان السعادة فی مقامات العبادة، ج ‏4، ص 82، بیروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الثانیة، 1408ق.

[7]. للمزید من المعلومات حول هذا الموضوع راجع الإجابة ۷۳۳۲۹ .

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280150 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258723 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128903 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115341 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89498 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    60907 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60262 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57326 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51366 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47647 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...