Please Wait
10347
يذهب كافة اعلام الشيعة الى الاعتقاد بعصمة الائمة (ع)، فهم حجج الله على العباد و ان كلامهم و سيرتهم حجة بذاته ككلام رسول الله (ص) و سيرته، فلا يحتاج الى اسناد فيما بينهم و بين الرسول الاكرم (ص).
ثم إن الاحاديث المروية عن الائمة المعصومين (ع) تصنف الى طائفتين:
الطائفة الاولى هي الاحاديث المسند عنهم (ص) و المصرح فيها بان الإمام صاحب الحديث رواه عن أبيه عن آبائه متسلسلا بذكر الاسماء حتى تصل الى الرسول (ص)، و لا ريب أن هكذا اسناد يعد من عيون الاسانيد و أرقاها قيمه علمية.
الطائفة الثانية هي التي يروونها عن النبي الاكرم (ص) الا انهم لا يذكرون سندها، من قبيل الحديث التالي: عليُّ بن محمَّد، عن سهلِ بن زياد، عن النَّوْفليِّ، عن السَّكُونيِّ، عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال رسولُ اللَّه (ص):... و تحتوي المصادر الحديثية على آلاف الاحاديث من هذا الصنف تتوزع في الكتب الروائية عامة و المئات منها في الكتب الاربعة ( الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار)، أو المروية عن كتاب الجامعة، مصحف فاطمة، الجفر و....
و هذا النوع من الاحاديث و إن لم تذكر أسانيدها و أنها من المرسلات ظاهراً، الا انه لما كان المعصومون (ع) أمناء على حلال الله و حرامه حتى عند أهل السنة و صادقين في أقوالهم، فلابد من التسليم بأن ما يتحدثون بحديث لم يصدر من النبي الاكرم (ص) و لا ينسبون اليه شيئاً لم يقله و لا حكماً إلهياً لم يشرعه (ص).
إنطلاقاً من هذا تكون الاحاديث المروية عن الأئمة المعصومين (ع) حجة مطلقاً مع صحة الطريق أو اعتباره اليهم، بان يكون الرواة بيننا و بين الامام الذي روي عنه، من الرجال المعتمدين في نقل الرواية و الحديث بشروط ذكرت في محلها. و أن كلام الائمة المعصومين حجته ذاتيه و ان حديثهم حديث رسول الله (ص) و حديث الله تعالى سواء كان مسنداً ظاهراً أو لا.
لما كان البحث المطروح يعد من مباحث "الداخل ديني" من هنا ننطلق في الاجابة عنه من زاوية النظرة الشيعية فقط.
يذهب كافة اعلام الشيعة الى الاعتقاد بعصمة الائمة (ع) هذا من جهة، و من جهة اخرى يؤمنون بان الله قد اختارهم اوصياء لنبيه الاكرم (ص)، و قد قام (ص) بايصال هذا المعنى للناس و ابلاغهم به، فهم حجج الله على العباد و ان كلامهم و سيرتهم حجة بذاته ككلام رسول الله (ص) و سيرته، فلا يحتاج الى اسناد؛ و بعبارة أخرى: تعتقد الشيعة بان الائمة شأنهم شأن الرسول الاكرم (ص) في الحجية و لا يطالبون بسند ما صدر عنه، كما كان الامر على عهد رسول (ص) حيث لم يطالبه أحد بسند ما يقوله و ما يصدر عنه.
و الجدير بالذكر أن الاحاديث المروية عن الائمة المعصومين (ع) تصنف الى طائفتين:
1. الطائفة الاولى هي الاحاديث المسند عنهم (ص) و المصرح فيها بان الإمام صاحب الحديث رواه عن أبيه عن آبائه متسلسلا عن الرسول (ص)، و لا ريب أن هكذا اسناد يعد من عيون الاسانيد و أرقاها قيمه علمية.
و هذه الطائفة تنقسم بدورها الى صنفين:
الف: الروايات التي يذكر فيها الاسماء صراحة من قبيل الرواية التالية: قال أبو الحسن الرضا (ع): سمعت أبي موسى بن جعفر يقول سمعت أبي جعفر بن محمد يقول سمعت أبي محمد بن علي يقول سمعت أبي علي بن الحسين يقول سمعت أبي الحسين بن علي يقول سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول سمعت رسول الله ص يقول سمعت جبرئيل يقول سمعت الله عز و جل يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها و أنا من شروطه.[1] قال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار كان يقول يحيى بن الحسين الحسيني في إسناد صحيفة الرضا: لو قرئ هذا الإسناد على أذن مجنون لأفاق.[2]
ب. الطائفة الثانية التي تروى بالنحو التالي: عن الامام الرضا (ع) مثلا عن آبائه (ع) و انما يحذف الاسماء لوضوحها و معروفيتها. و قد ورد في الكتب الحديثية الشيعية ما يقرب من 6671 حديثاً عن الائمة (ع) استعمل فيها عبارة " عن آبائه عن رسول الله منها: 268 حديثا في الكتب الاربعة موزعة بالنحو التالي: (60 حدیثا في الكافي، 46 حديثاً في من لا یحضره الفقیه، 128 حديثا في كتاب التهذیب و 34 حديثا في الاستبصار) منها الحديث التالي: عليُّ بن مُحمد، عن سهلِ بن زياد، عن النَّوفلِيِّ، عن السَّكونيِّ، عن أَبي عبد اللَّه (ع)، عن آبائه، قال: قال رسولُ اللَّه (ص)...[3].
و من البديهي أن هذا النوع من الاسانيد يعد من افضل الاسانيد أيضاً، و من هنا عبر عن الطائفة الاولى من الاحاديث بحديث "سلسلة الذهب"[4]؛ و ذلك لانه في الوقت الذي اعتبر الائمة (ع) من وجهة نظرة الشيعة أئمة معصومين (ع)، الا ان شأنهم عند المدارس الاخرى ليس بالشأن القليل حيث اعتبروا من أفضل الشخصيات و افضل الثقات.[5]
2. الطائفة الاخرى هي التي لم يذكر سندها:
و هذه بدورها تصنف الى صنفين:
الف. الطائفة التي يروونها عن النبي الاكرم (ص) الا انهم لا يذكرون سندها، من قبيل الحديث التالي: عليُّ بن محمَّد، عن سهلِ بن زياد، عن النَّوْفليِّ، عن السَّكُونيِّ، عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال رسولُ اللَّه (ص):....[6] و تحتوي المصادر الحديثية على آلاف الاحاديث من هذا الصنف تتوزع في الكتب الروائية عامة و المئات منها في الكتب الاربعة ( الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار).
و هذا النوع من الاحاديث و إن لم تذكر أسانيدها و أنها من المرسلات ظاهراً، الا أنه لما كان المعصومون (ع) أمناء على حلال الله و حرامه حتى عند أهل السنة و صادقين في أقوالهم، فلابد من التسليم بأن ما يتحدثون بحديث لم يصدر من النبي الاكرم (ص) و لا ينسبون اليه شيئاً لم يقله و لا حكماً إلهياً لم يشرعه (ص)؛ و من هنا نجد الإمام الصادق (ع) يعطي ضابطة عامة في نقلهم للحديث المسنود و غيره عندما قال: حديثي حديث أَبي (الامام الباقر)، و حديث أَبي حديث جدِّي (الإمام زين العابدين)، و حديث جدِّي حديثُ الحسين، و حديثُ الحسين حديثُ الحسن، و حديثُ الحسن حديث أَمِيرِ المؤْمنِين (ع)، و حديثُ أَمير المؤمنِين حديثُ رسول اللَّهِ (ص) و حديث رسولِ اللَّهِ قولُ اللَّه عزَّ و جَلَّ.[7]
ب. المروي عن كتاب الجامعة، مصحف فاطمة، الجفر و... و هذه كلها هي الاخرى حجة مع ثبوت اسانيدها المعتبرة الى الامام (ع).[8]
إنطلاقاً من هذا تكون الاحاديث المروية عن الأئمة المعصومين (ع) حجة مع صحة الطريق أو اعتباره اليهم، بان يكون الرواة بيننا و بين الامام الذي روي عنه، من الرجال المعتمدين في نقل الرواية و الحديث بشروط ذكرت في محلها.
و الجدير بالذكر أن هذه المسألة ليست من المسائل المثارة مؤخراً بل هي من القضايا التي أثيرت في عصور متقدمة حيث شكك البعض في الحجية الذاتية لكلام الأئمة (عليهم السلام) و من هنا وضع الائمة الضابطة المذكورة، و هذا ما يشير اليه الحديث التالي: " عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع): إذا حدثتني بحديث فأسنده لي! فقال: حدثني أبي عن جدي، عن رسول الله (ص)، عن جبرئيل (ع)، عن الله عز و جل. و كل ما أحدثك بهذا الإسناد".[9]
و في رواية أخرى: كان جابِرٌ بن عبد الله الانصاري يأْتيِ الامام الباقر (ع) – وهو صغير- طرفيِ النَّهار و كان أَهلُ المدينة يقولون: وا عجباهْ لجابرٍ يأْتي هذا الغُلام طرفَيِ النَّهار و هو آخرُ منْ بقيَ منْ أَصحاب رسول اللَّه (ص)، فلَم يلبثْ أَن مضى عليُّ بنُ الحسين (ع) فكان محمَّدُ بنُ عليٍّ يأْتيهِ على وجه الكرامة لصحبتهِ لرسولِ اللَّه (ص) قال فجلَس (ع) يُحَدِّثُهُمْ عن اللَّهِ تبارك و تعالَى فقال أَهلُ المدينَة: ما رأَيْنَا أَحداً أَجرَأَ من هذَا! فلَمَّا رأَى ما يقولونَ حدَّثهُمْ عنْ رسولِ اللَّه (ص) فقال أَهلُ المدينة: ما رأَينا أَحداً قَطُّ أَكذَب من هذا يحدِّثُنَا عمَّنْ لمْ يرهُ!! فلَمَّا رأَى ما يقولونَ حدَّثهُمْ عن جابِر بن عبد اللَّه، فَصَدَّقُوهُ!! و كان جابرُ بن عبد اللَّه يأْتيه فيتعَلَّمُ منه.[10]
تحصل: أن كلام الائمة المعصومين حجته ذاتيه و ان حديثهم حديث رسول الله (ص) و حديث الله تعالى سواء كان مسنداً ظاهراً أو لا.
[1] الصدوق، أمالي الصدوق، ص 235، ا.نتشارات کتاب خانۀ اسلامي، 1362 هـ ش.
[2] بحارالأنوار، ج 1، ص 30.
[3] الکلیني، الکافي، ج 1، ص 33، ح 7، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365 هـ ش..
[4] ثواب الاعمال-ترجمة الغفاري، ص: 23؛ لان سلسلة سنده من المعصومين (ص) و يعد من الاحاديث القدسية لان قائل الكلام هو الله تعالى.
[5] كان السيد محمد رشيد رضا المعروف بتعصبه يقول عندما يروي في تفسيره عن الامام الصادق (ص): "روي عن جدنا الامام جعفر الصادق رضي الله عنه. (انظر: محمد رشید رضا، تفسیر القران الحکیم ( تفسیر المنار)، ج 9 ص 538، نشر دار المعرفة للطباعة و النشر، بیروت، لبنان، الطبعة الثانية).
[6] الکلیني، الكافي، ج 3، ص 269، ح 8.
[7] الكافي، ج1، ص53.
[8] انظر: الكافي، ج 1، ص 239.
[9] المفيد، الأمالي، ص 42، نشر مؤتمر الشیخ المفید قم، 1413 هـ ق.
[10] الكليني، الكافي، ج 1، ص 469.